المجلة الفنية أول مجلة فنية إلكترونية مغربية متخصصة
عبد المجيد رشيدي
في أمسية فنية متميزة احتضنها فضاء Living 4 Art بالدار البيضاء يوم 3 ماي الجاري، خطف الفنان التشكيلي محمد أشرقي الأنظار بخمس لوحات تشكيلية لافتة، حملت توقيعه الخاص ولغته البصرية المتفردة، أعماله التي حملت عناوين شاعرية مثل Symphonie du Silence وLe Cœur en Quête، لاقت استحسان الزوار والمتتبعين، الذين أشادوا بحساسيته الفنية العميقة وقدرته على تحويل اللون والفراغ إلى لغة وجدانية بليغة.
مشاركة محمد أشرقي لم تكن مجرد حضور عابر في معرض جماعي، بل كانت بمثابة إعلان عن صوت تشكيلي شاب يُراهن على العالمية من خلال صدقه الفني، وخصوصية رؤيته، وجرأته في التعبير، أشرقي المزداد سنة 1994، يثبت بلوحاته أنه لا يرسم لمجرد الجمال، بل ينقّب في الذات، ويحفر في الذاكرة، ويسائل العالم من حوله بأدواته الفنية الخاصة.
يقول محمد: “كل عملي الفني منذ سبع سنوات هو محاولة لكتابة سيرة ذاتية، لاستعادة البدايات، تلك البذور التي تخصب تجربتي الفنية والإنسانية.” فقد عاش طفولة قاسية، انتقل فيها قسرا من عالم اللعب إلى واقع المسؤولية، فوجد في الفن ملاذا، ومساحة للبوح، ومنصة للانعتاق.
في لوحاته الجميلة، يطغى الطابع الإنساني، والبعد الرمزي، حيث تبدو الملامح باهتة أحيانا، وصارخة أحيانا أخرى، كما لو أنها تصرخ من داخل الصمت، ومن خلال أعماله مثل Les Cris et les Murmures وPerdu dans ses Pensées، ينقل للمشاهد هواجس داخلية، وتجارب شخصية، بلغة تشكيلية تأملية، تُزاوج بين التأثر بالمدرسة المغربية وبين لمسته الذاتية الفريدة.
الفنان محمد أشرقي تتلمذ على يد الفنان الكبير عبد القادر لعرج، واستفاد من خبرات مدرسة عريقة دون أن يفقد هويته الخاصة، وهو اليوم يُصقل موهبته بنقد ذاتي صارم، ويبحث باستمرار عن التطوير والتجديد، مؤمنا بأن للفن دورا لم يتحقق بعد في بناء الإنسان والمجتمع.
وبينما يواصل أشرقي مسيرته بخطى ثابتة، يظل حلم العالمية حاضرا في ذهنه، ليس بدافع الشهرة، بل لأنه يرى أن فنه يحمل رسالة إنسانية وجمالية تستحق أن تُروى للعالم بلغات متعددة.
لوحات الفنان محمد أشرقي، ليست مجرد ألوان على قماش، بل سيرة ذاتية تنبض بالحياة، وتدعو المتلقي إلى التأمل، وربما إلى إعادة اكتشاف ذاته من خلالها.
