إضافة لجمالية القصة والأحداث .. نجد سيناريو ” سالف عذرا” ككل باعتباره تقنية تنظم الأحداث والقصص وتشكلها بشكل مرتب ومحكم حتى تحقق التأثير اللازم على المشاهد وتجعله يعيش في حالة من الإنتعاش والإنصهار والذوبان في الشخصيات، وما يحاك ضدها وبها ومعها ..
فمن خلال حلقات مسلسل ” سالف عذرا” ، يظهر أن الاشتغال على السيناريو لم يكن بالأمر السهل، إذ أن طريقة كتابة الأحداث وترابطها وكيفية تنظيمها وترتيب تشابكها والحفاظ على توازنها، تعكس مدى قوة السيناريو، خاصة أنه كلما تابعت مشهداً ما وأثارك حدث إلا وبرز حدث آخر يطير بك في عوالم أخرى، دون أن يجعلك تبتعد عن روح القصة الرئيسية ، قصة عذرا التي تشكل فضاء المسلسل الموضوعاتي والمكاني.
الإخراج
ساهم الإخراج في خدمة الموضوع والأحداث، فالمخرجة المتميزة جميلة البرجي أبدعت في حركات و إطارات الكاميرا في تقديم الأحداث كما إعتمدت تارةً على الإطارات القريبة لتنقل لنا بدقة ملامح الشخصيات ومعاناتها و نفسيتها و تارةً على الإطارات البعيدة لإبراز جمالية الديكورات سواءً كانت داخلية كالرياضات و المنازل القديمة ، أو خارجية كالمناطق الخلاّبة التي صوّرت بها مشاهد السلسلة ، وكذلك يتم أحياناً اعتماد انتقال سريع بين اللقطات ليتماهى بذلك المشاهد مع الأحداث وتطورها ..
و يشار إلى أن المخرجة جميلة بنعيسى البرجي تعتبر من الأسماء اللامعة في مجال الدراما التلفزيونية المغربية ، حيث استطاعت بحبكة و حرفية عالية أن تنقل إلى شاشة التلفزيون صورا بليغة وعوالم فنية و جمالية متفردة من واقعنا المجتمعي الذي يحبل بالمشاكل المختلفة (معاناة المرأة و رغبتها في إثبات ذاتها ، الهجرة ، الحب ، مشاكل الإرث والتبني ، الشطط في استعمال السلطة … ) ، و تتسم تلك المواضيع التي تتبناها جميلة البرجي بكونها مواضيعاً تلامس في جوهرها الواقع الاجتماعي وتناغم العمق الإنساني في أدق تجلياته بالواقع ؛ الشيء الذي خلف صدى طيبا في أوساط النقاد والمتتبعين ، وجعل جل أعمالها تحظى بالقبول والنجاح الجماهيري الكاسح ، بنيلها لإعجاب الجميع حيث يصفق لها الصغير و الكبير ، مما يجعل الكل متشوقاً دوماً لجديدها لكونها أسهمت بقوة في تطوير الدراما المغربية و وضع بصمتها الخاصة فيها ، إذ أن القاسم المشترك بين أعمالها هو اختيار مواضيع هادفة و مناقشتها و تقديمها بشكل مغرٍ و جمالي من الكاستينغ إلى إدارة الممثل إلى الصورة ..