الأحد , 3 نوفمبر 2024
الرئيسية » دراسات نقدية » إطلالة على الدراما المغربية : رمضان 2016 نموذجا

إطلالة على الدراما المغربية : رمضان 2016 نموذجا

ودعنا منذ أسابيع شهر رمضان الذي ارتبط ذكره (وليس هذا الارتباط هو موضوعنا) منذ زمن بالإنتاج الدرامي العربي، حيث يتبارى القائمون على الدراما في مختلف البلاد العربية حتى تعرض أعمالهم في هذا الشهر بالتحديد؛ من جهة: بسبب ارتفاع منسوب المشاهدة فيه. ومن جهة ثانية؛ بسبب فكرة سائدة مفادها أن الأعمال الدرامية التي تعرض في رمضان هي الأكثر جودة بالمقارنة مع ما يعرض في بقية شهور السنة. إلا أن الإنتاج الدرامي المغربي ليس حاضرا في هذه اللعبة الدرامية كما ينبغي؛ أولاً: فالأعمال المغربية لا تُعرض إلا في القنوات المغربية (لا تشتريها قنوات أخرى). ثانيا: حتى المشاهد المغربي كثيرا ما يشتكي من أعمال درامية لا ترقى إلا مستوى ما يعرض على باقي القنوات العربية. وبما أننا في عصر الفضائيات والأنترنيت، وتوفّر الوسائط الإلكترونية مِن حواسيب وهواتف ولوحات ذكية، فلا عجب أن يهاجر المشاهد المغربي القنوات المغربية إلى غير رجعة،  طالما صار بإمكانه التجول عبر مختلف القنوات العربية والعالمية، وامتلاك باقة واسِعة من الاختيارات تتنوّع بين السينما والدراما والبرامج التلفزيونية من جنسيات مختلفة. وهو بذلك غير مضطر لمشاهدة الإنتاج الدرامي المغربي سواء في رمضان أو في غيره من الشهور.

إلا أنّ هذا المشاهد المغربي –باعتباره إنسانا ذا ثقافة مميِّزة وهوية خاصة- يبقى متعطِّشا لمشاهدة دراما (مسلسلات، سلسلات، سيدكوم)مغربية تمثله هو شخصيا، ويستطيع أن يرى من خلاله ذاته، ومشاكله وقضاياه.. وما يحدث في الغالب، هو أنّ من اعتاد مشاهدة ما تنتجه الدراما العربية (المصرية، السورية..) لا بدّ أن يجد شعورا بعدم الارتياح قد يصل أحيانا إلى حالة الصدمة في كلّ مرة يحاول فيها تتبع مستجدات الدراما المغربية. والواقع أنّ الإنتاج المغربي في المجمل (حتى لا نقع في خطأ التعميم) لا يروق للمغاربة، لا الذين يمتلكون قنوات فضائية ولا حتى لأولئك الذين لا يمتلكون بديلا عن الإعلام الوطني. ويُكثر المواطن المغربي من الشكوى والتذمر من الإنتاج الدرامي المغربي ويصفه في الغالب بالرديء.

من أين يستمد المواطن المغربي وعيه الفني الدرامي؟

قبل ظهور القنوات الفضائية، اعتاد المغاربة على تتبع الأعمال الدرامية العربية (المصرية، اللبنانية، الأردنية، السورية..) والعالمية (الفرنسية، الأمريكية المدبلجة إلى الفرنسية..) ثم ظهرت بعد ذلك مسلسلات أمريكا اللاتينية المدبلجة إلى اللغة  العربية الفصحى. وواكب ظهور الفضائيات انتشار أعمال درامية من مختلف الجنسيات بما فيها تلك  المدبلجة. وخلال كل هذه المراحل الآنفة الذكر، كانت دائما هناك أعمال مغربية تعرض على الشاشة الصغيرة؛ منها ما خلّف أثرا قويا لدى المشاهد المغربي، ومنها ما صار في طي النسيان.  لكن الملاحظ أنه بالمواكبة مع التطور الذي عرفته الدراما العربية، والمدبلجة إلى العربية، (من حيث الكمّ على الأقل) ومن حيث نسبة الوصول إلى المشاهد العربي، فإن الدراما المغربية بالإضافة إلى اتسام إنتاجها -خلال السنة الواحدة- بالقلّة، فإنها لا تزال لا ترقى إلى طموح المشاهد المغربي الذي لا يفتأ يضعها في مقارنة مع باقي الأعمال الدرامية العربية. ناهيك عن أنّ الدراما المغربية -بالرغم من كونها غير حديثة ولا مستجدة- لا تزال عاجزة عن مغادرة المغرب واقتحام باقي البيوت العربية كما فعلت نظيراتها، وهو الشيء الذي يعزوه كثيرون من المنافحين عن الانتاج الوطني إلى صعوبة اللهجة المغربية، وهذه حجة يسهل تفنيدها بالنظر إلى أن لهجتنا استطاعت الوصول إلى المستمع العربي من خلال الأغاني. كما أن بعض البلدان نجحت في تسويق إنتاجها الدرامي والدخول إلى كل البيوت العربية، بما فيها المغاربية رغم صعوبة لهجتها، كالكويت والسعودية.. وإذن إجابة عن السؤال، فإن المواطن المغربي يستمد وعيه الجمالي من خلال متابعته لأعمال فنية من جنسيات أخرى، سواء قبل ظهور الفضائيات أو بعدها. فما الذي يجعل هذه المقارنة في غير صالح الإنتاج المغربي الدرامي؟ هذا السؤال يجرنا إلى سؤال آخر أو بالأحرى سؤالين:

هل يمكن الحديث عن دراما جيّدة وأخرى رديئة؟ وإن كان الجواب بـ “نعم” فعلى أي أساس يمكن أن يتمّ هذا التصنيف؟

الدراما هي عمل فني

وإذا كانت الفنون بمختلف أشكالها وجنسياتها تحظى بنقدٍ يواكبها، فإن هذا يعني أنّ هناك معايير جمالية معينة تميز كلّ فن عن الآخر. وبما أن الدراما التلفزيونية تعتمد على ثلاثة أشكال فنية: الفن التشكيلي (الأضواء والديكور..) الفن الصوتي (موسيقى الجنريك الموسيقى التصويرية الآداء الصوتي..) الفن الحركي (الرقص، الآداء الحركي) فإن عملية نقدها هي عملية ممكنة، شرط ألا يتم تجاوز ما هو موضوعي إلى ما هو انطباعي.

أين يكمن الضعف ؟

بدءا، لا يجوز التعميم، وإذن القول إن الدراما المغربية كلّها ضعيفة ورديئة. وبما أننا لا ندعي امتلاك آليات النقد الدرامي، وبما أننا بصدد إلقاء نظرة عامة حول الدراما المغربية، فإننا سنكتفي بتسجيل بعض الملاحظات التي تخص بعض الأعمال الدرامية التي تم عرضها على القناتين المغربيتين: الأولى والثانية، في رمضان 2016.

الحبكة: يمكن تعريف الحبكة باعتبارها ذلك التتابع المنطقي الذي تصاغ من خلاله الأحداث، مما يجعلها تشكل في آخر الأمر قالبا من الوقائع المتسلسلة، والمفهومة لدى المتلقي، و هي  أحد أهم عناصر السيناريو، الذي يعتبر بدوره عملا سرديا له خصائص تميزه عن بقية أشكال السرد الأخرى كالقصة والرواية. وبما أن السيناريو هو العصب الرئيس في العمل الدرامي وأول لبنة تتشكل فيه؛ فإن كل ضعف في حبكة هذا العصب الأساس تؤدي إلى خلل في مجريات الأحداث، وتجعل المشاهد في حالة من الارتباك والعجز عن فهم وقائع العمل ناهيك عن الاستمتاع به. ولا نغالي إن قلنا إن في بعض المسلسلات المغربية يحدث أن يتفاجأ المشاهد بأنّ الأحداث التي تبدأ بها الحلقة اللاحقة، لا تُتِم ولا تُفسّر ما حدث في نهاية الحلقة السابقة، مما يُشعر المتابع أن ثمّة مشهد مفقود أو أكثر. (في إحدى حلقات مسلسل “نعام اللالة” تختلف البطلة “حياة” مع “حمادة” سائق الطاكسي ويغضب منها لأنها ترفض الزواج منه، وفي نفس الحلقة وبعد بضع مشاهد، ودون تفسير لما سبق، تتّصل “حياة” بـ “حمادة” وتدعوه رفقة امرأتين أخرتين لتناول اللمجة في بيت مشغلتها، وفي الحلقة التي يليها وفي أول مشهد بين البطلين تبدو الأمور طبيعية وهما يتمازحان، حتى أن المشاهد قد يسأل نفسه: متى تصالح “حمادة” مع “حياة”؟ وقد يجيب: ربما حدث ذلك في الكواليس !)

على أننا لا نستطيع أن نوجِه سهام النقد في كلّ الحالات التي نجدنا فيها أمام حبكة سيئة إلى كاتب السيناريو، ما دمنا لا نستطيع أن نجزم بدقة بخصوص ما إذا كان ضعف الحبكة ناتج عن عمل السيناريست ، أو عن المخرج الذي قد يقتطع من خلال المونتاج مشاهد أساسية.

الممثل المُصطَنع: وهذا أسوء ما يمكن أن يفسد أي عمل درامي، فالممثل الذي يمثل بطبقة صوت مرتفعة، ويلوّح بيديه في الهواء تعبيرا عن عواطفه الجياشة خلال آدائه لدور معين، ويتحدث ببطء وهو ينظر إلى السماء، ويضغط على مخارج الحروف.. قد يكون ذا آداء مثالي إذا ما وُكِّل إليه آداء دور معين في عمل مسرحي، لكنه في التلفزيون مُستَثقل ويصيب المشاهد بالضجر، ذلك أن الأسلوب المسرحي الأرستقراطي في الآداء لا يليق بالتلفزيون الذي يفترض أن يكون قريبا من الناس على اختلاف مشاربهم. وهذا النوع من الممثلين نادرا ما يخلو منهم مسلسل مغربي.

الموسيقى التصويرية وموسيقى الجنريك: من المؤسف جدا أن بعض الأعمال التي تعرض في رمضان تستغرق عاما كاملا من أجل تصويرها (هذا ليس أمرا أكيدا) ومع ذلك فإن القائمين عليها لا يكلفون أنفسهم عناء تكليف أحد الموسيقيين المغاربة بتأليف لحن خاص بموسيقى الجنريك والموسيقى التصويرية. وهكذا نرى أن موسيقى الجنريك الخاص بعدد من هذه الأعمال المعروضة هو عبارة عن أغنية مغربية شهيرة، قد أعيد توزيعها وآداؤها رغم أن كلماتها قد لا تتناسب مع فكرة العمل في حد ذاته (جنريك سلسلة “لوبيرج” ومسلسل “وعدي”) الشيء الذي يجعلنا نتساءل: هل انقرض الشعراء والموسيقيون المغاربة القادرون على تأليف أغان جميلة ومؤثرة تصلح لتكون جنريك خاصة بمسلسل مغربي؟

تناقضات: لا تستغرب إن كنت تشاهد مسلسلا مغربيا، ولاحظت أن شخصياته، والذين يؤدون أدوارا في أسرة واحدة يتحدثون لكنات مغربية مختلفة:  فالأب يتحدث بالدارجة المغربية المتداولة عند ساكنة الرباط، والأم تتحدث باللكنة البدوية الدكالية، والإبن يتحدث بلكنة أهل الشرق القاطنين في فرنسا، والإبنة تتحدث بلكنة مختلفة عنهم جميعا (مثال: سلسلة “لوبيرج”)

ولا تستغرب أيضا إن رأيت شيخا “حلايقي” من حلايقية ساحة جامع الفنا، وهو يتحدث بمستوى عال من الدارجة، ويستخدم كلمات بالعربية الفصحى، مما يدل على أنه رجل مثقف متنكر في زي حلايقي، كأن لغة الحلايقي في الواقع لا تشرف ولا يجوز أن تظهر في التلفزيون (مثال: مسلسل “مقطوع من شجرة”)

عدم ملامسة مشاكل الشارع المغربي: أحداث الدراما المغربية فيها ما يمكن أن تدور في القرية أو في المدينة. وإذا وضعنا تلك التي تحدث في القرية جانبا؛ سنجد أن مجمل ما يقع في المدن من أحداث هو أسير الفيلات والشقق العصرية، وفي أحسن الأحوال في البيوت المغربية التقليدية الشاسعة أو ما يسميه المغاربة “الدار البلدية”. ويحق إذن لأي مغربي أن يتساءل عن مصير هذا العدد الكبير جدا من المغاربة (والذي يفوق في الواقع سكان الفيلات والشقق الفخمة والشقق العصرية) الذين يقطنون الأحياء الشعبية، والشقق البسيطة. أما أولئك الذين يسكنون مدن الصفيح (الكاريانات) فيصعب العثور عليهم في الدراما المغربية الخاصة برمضان 2016.

نقط الاختلاف بين الدراما المغربية والعربية (المصرية تحديدا)

لعلّ القيام بمقارنة بسيطة بين الدراما المغربية والأخرى المصرية  التي تعدّ من أقوى ما ينتج على المستوى العربي (مع التركيز على نقط الاختلاف)، هو عمل ضروري، من حيث دوره في تبيان بعض ما يمكن أن يكون نقط ضعف في الأعمال الدرامية المغربية. وعلى هذا الدرب يمكننا أن الاختلافات التالية:

 

نحن لا نصنع النجوم

في كل من السينما والتلفزيون المصري، يمكننا الحديث عن سينما أو دراما النجم الأوحد، ذلك أن هناك عددا من النجوم سطعت أسماؤهم على مدى سنوات واعتادوا الظهور كل عام من خلال أعمال رمضانية جديدة إذ يكفي أن يتواجد أحدهم في مسلسل واحد حتى ترتفع علاماته حتى ولو كان جل المكونين لفرق العمل من المبتدئين، وهذا ما ينطبق على يحيى الفخراني ويسرا وليلى علوي ومؤخرا على النجم عادل إمام . فلماذا لا يوجد لدينا نجوم بهذا المعنى؟ ولم لا يستطيع الممثل المغربي أن يصنع نجومية ويحافظ عليها لأكثر من ثلاث سنوات كأقصى حد؟ وإذا استثنينا ممثلين الكوميديا لدينا على غرار حسن الفذ وسعيد الناصري وحنان الفاضلي ومحمد الجم ودنيا بوتازوت في السنوات الثلاث الأخيرة فإنه يمكننا القول أنه ليس لدينا نجوم يمكن التعويل عليهم في رفع نسبة مشاهدة عمل درامي مغربي مسلسلا أو سلسلة أو سيدكوم.

الافتقاد إلى الجرأة

عندما نتناول الحديث عن الجرأة في الإبداع المغربي عموما والدراما المغربية بشكل خاص، فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان هو تلك الجرأة المرتبطة بالمشاهد الجنسية أو كل ما له صلة بالدين، ناسين أو متناسين أن الثالوث المحرم والمخيف في أي عمل إبداعي يدور حول نقاط ثلاثة: الجنس، الدين، السياسة. وهذه الأخيرة هي ما أعنيه بالتحديد؛ فالشعب المصري رغم أنه عاش تحت سحاب الديكتاتورية لعقود تناوب على الحكم فيها عبد الناصر، ومبارك، السيسي؛ قد استطاع أن يستمتع بسينما ودراما تتناول تيمة فساد الشخصيات العامة، والشخصيات الحكومية والنافذة (ولو بكثير من التلميح ومع تبجيل دائم لرئيس البلاد). أما في الدراما المغربية فإن تيمة فساد السياسيين وذوي القبعات والنياشين تظل من الطابوهات التي يحرّم أن تتعرض لها الدراما المغربية (والسينما طبعا)

وذلك على الرغم من أن العمل الفني الدرامي -كما هو معلوم- هو عمل متخيل أصلا وشخصياته مستمدة من وحي خيال الكاتب، ولا صلة لها، فعليا، بما يحدث على أ رض الواقع.

ظهور نفس الممثلين في أكثر من عمل، وعلى نفس القناة

أن يؤدي ممثل ما الأدوار الموكولة إليه بشكل جيد، بل وأن يكون ممتازا وينجح في كسب حب الجماهير لا يعد مبررا كي يستأثر بالظهور على القناتين اليتيمتين في الصبح والمساء خلال الشهر الذي يعرف ذروة المشاهدة الدرامية، فعدا أن شيئا كهذا يحرم ممثلين آخرين من فرصة الظهور رغم تمكنهم من أدوارهم وكسبهم لحب المتلقي المغربي، فإن ظاهرة كهذه تؤدي مع الوقت إلى أفول نجم الفنانين الذين يتكرر حظورهم، لأن كل ما/من يتكرر ظهوره لا بد أن يصيب المتلقي بالسأم ويؤدي به إلى النفور منه.بالإضافة إلى أن الفنان الذي يظهر في أعمال كثيرة في نفس السنة يستنفذ طاقاته الإبداعية كلها ويصبح مع مرور الوقت مكررا غير قادر على إبداع الجديد.

أما الأسوء حقا هو أن يتكرر ظهور نفس الطاقم الفني في عملين –يفترض أنهما مختلفين- على نفس القناة (في سلسلة لوبيرج وسلسلة أنا ومنى ومنير يتكرر ظهور الممثلين دنيا بوطازوت وعزيز حطاب وهما زوجان في كلتا العملين ) وهذه، بالتأكيد، ظاهرة مغربية فريدة من نوعها.

ممثلون بلكناتهم الأصلية

جميل أن يعتز الممثل بالمدينة أو الجهة التي ينتمي إليها، لكن مَن مِن عشاق الدراما العربية يستطيع أن ينسى سناء جميل وهي تتحدث بلكنة شعبية إسكندرانية في مسلسل “الراية البيضا”؟ أو يحيى الفخراني بلكنته الصعيدية في مسلسل “الليل وآخره”؟ فمهمة الممثل في الأصل تكمن في آداء أدوار لا تشابه ما يعيشه في واقعه بالضرورة، إنما تخضع للمناخ العام الذي يفرضه العمل الدرامي نفسه، ومع ذلك فقد دأب عدد من الممثلين المغاربة على حمل لكناتهم المحلية، أو لكنات اتخذوها عنوانا لمسارهم في أي عمل فني يظهرون فيه، وعلى سبيل المثال لا الحصر: دنيا بوطازوت باللكنة الدكالية، وسامية أقريو بالشمالية، وعبد الله فركوس وفضيلة بنموسيى بالمراكشية على أن هذه الأخيرة بذلت مجهودا في التحدث على الطريقة التازية خلال آخر ظهور لها من خلال مسلسل “نعام اللالة” حيث أدت دور أم البطلة “حياة” القادمة من مدينة تازة إلا أنّ “الطاء” المراكشية كانت أقوى من جهودها.

غياب المتابعة النقدية الدرامية

في بلدان تنتج دراما قوية كمصر، فإنّ أكبر مشكل يمكن أن يواجه الأعمال النقدية الدرامية هو أنّ عددا لا يستهان به منها يخضع لمبدإ المجاملة ويفتقد إلى الحرية في نقد ما هو سياسي. أما في المغرب فلنا أن نتحدث بكل أريحية (وأسف) عن غياب تام لكل نقد متخصص في الدراما المغربية اللهم ما يتم استصداره داخل المعاهد المتخصصة.

غياب مواقع متخصصة في إعطاء أخبار الدراما

لا يوجد على الشبكة العنكبوتية موقع مغربي واحد (ولا غير مغربي طبعا) يهتم بأخبار الأعمال الدرامية المغربية ويقوم بأرشفتها وتصنيفها ويقدم معلومات عنها، كأسماء أعضاء الطاقم الفني، أو نبذة عن موضوعها.. إلخ. وهكذا فإنك إن شئت، معرفة تاريخ عرض مسلسل مغربي معين مثلا، فما عليك إلا الاستعانة بذاكرة الآباء والأجداد !

صعوبة/استحالة العثور على بعض الأعمال الدرامية

إذا كان قد فاتك في فترة من حياتك مشاهدة أحد الأعمال المصرية الخالدة بما فيها تلك التي ظهرت في عصر الأبيض والأسود، فإنه يمكنك الآن وأنت في العام 2016 أن تنقر على محرك البحث جوجل اسم العمل الفني الدرامي الذي تبحث عنه وسيتم إرشادك إلى حيث يمكنك مشاهدة ما تبحث عنه سواء على اليوتيوب أو الديليموسيون أو أحد المواقع العربية المتخصصة في أرشفة الدراما المصرية. أما في المغرب فجرب مثلا أن تبحث عن حلقات المسلسل المغربي “شجرة الزاوية” كاملة متتابعة مرتبة على اليوتيوب أو على أي موقع آخر، وستجد أن هذا المسلسل الجيد والذي يخلد لفترة حساسة من تاريخ المغرب ويضم كوكبة من الممثلين الأكفاء؛ موجود بالفعل على اليوتيوب لكن جل حلقاته مفقود.

تنوير:

بإلقاء نظرة خاطفة على ما أنتجه التلفزيون والسينما والمسرح المغربي مجتمعين منذ بدء مسيرتهم، يتضح جليا، أننا لا نعاني نقصا في الكفاءات الفنية، لا على مستوى الآداء ولا الإخراج ولا السيناريو.. ومع ذلك فإن الخلل الذي يكتنف تطور الدراما المغربية يبقى متعدد الوجوه والزوايا، طالما تتبقى هناك دائما أمور نجهلها وهي حتما لها أوثق الصلة بضعف الأعمال الدرامية المغربية.. الحديث هنا عن الظروف التي يتم فيها صنع العمل الفني بدءا مِن فكرة السيناريو مرورا بالإنتاج والظروف المهنية التي يشتغل فيها الفنان المغربي وصولا إلى عملية التسويق؛ إذ أن مواكبة ما يحدث في هذه المراحل أمر مقتصر على المبدعين في المجال وهم وحدهم يمكنهم الخروج عن صمتهم والتحدث عن المشاكل التي تعيق تطور الإنتاج الدرامي المغربي كيفا وكما. أما نحن جمهور المتفرجين والملاحظين، فإنه لا يتسنى لنا الحكم إلا على ما نراه ونلمسه منذ الإعلان عن المنتج الدرامي إلى عرضه ثم حفظه ومواكبته نقدا.

رامية نجيمة

[email protected]

 

كاتبة مغربية

شاهد أيضاً

الفنان الإستوني إدوارد فيرالت يخلد مشاهد رائعة من المغرب الجميل

عبد الرزاق القاروني*   خلال أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، زار الفنان الإستوني إدوارد فيرالت مدينة مراكش، فأعجبته، وقرر الاستقرار بها …