تحتضن مدينة فاس ما بين 18 و 25 أبريل الجاري الدورة التاسعة لمهرجان فاس للثقافة الصوفية وذلك تحت شعار ” دين المحبة .. من رابعة .. ابن عربي وجلال الدين الرومي إلى اليوم ” .
ويروم هذا الحدث الثقافي والفني الذي تنظمه ” جمعية مهرجان فاس للثقافة الصوفية ” الإسهام في إعادة اكتشاف المغاربة للثقافة الصوفية بمختلف تجلياتها الإبداعية والفنية مع تمكينهم من الولوج الى هذا التنوع الفني والفكري والروحي الذي تعكسه هذه الثقافة بروادها الكبار.
كما يسعى هذا المهرجان الذي أضحى يستقطب مع توالي الدورات العديد من المفكرين والباحثين إلى جانب عشاق الموسيقى الصوفية من المغرب والخارج إلى تعزيز ودعم وضعية المغرب في الحوار بين الثقافات عبر بناء قنطرة تصل بين الشرق والغرب.
وقال فوزي الصقلي رئيس مهرجان فاس للثقافة الصوفية إن التظاهرة تروم إظهار غنى وتنوع التراث الروحي والثقافي للتصوف بالمغرب وعبر العالم من خلال مظاهره الفنية والثقافية والاجتماعية وإبراز أهميته الحيوية في إحياء هذا الغنى اللامادي في تطوره الشمولي والحضاري .
وأوضح فوزي الصقلي خلال لقاء صحفي عقده مساء الاثنين بفاس وخصص لتقديم برنامج هذه التظاهرة الدولية إن المحبة التي اتخذت كشعار لهذه الدورة تعتبر ” أعلى إنجاز للروحانية والإيمان سواء كانت محبة القريب أو محبة بعضنا البعض أو محبة الآخر المطلقة التي تعد محبة أقرب إلينا من أنفسنا “.
وأضاف أن هذا المهرجان الذي أضحى مكسبا لمدينة فاس يحتفي بالمحبة كمفهوم وقيمة مثلى في التراث الصوفي والثقافة الإسلامية وذلك عبر فسح المجال للعديد من الفرق الصوفية ومجموعات السماع والموسيقى الصوفية للتعبير عن هذه المحبة بكل تجلياتها الفنية باعتبارها تلعب دورا محوريا في كل سلوكيات الإنسان.
وأكد أن برنامج المهرجان يتضمن في دورته التاسعة تقديم العديد من الحفلات الموسيقية التي تحتفي بفن السماع والموسيقى الصوفية العربية والأندلسية إلى جانب تنظيم فقرات تزاوج ما بين الأمسيات الصوفية وحلقات الذكر واللقاءات والندوات الفكرية التي ستتخذ من شعار هذه الدورة موضوعا لها.
واستعرض نخبة من الأسماء الفنية التي تحضر هذه الدورة مثل سميرة القادري وفاطمة الزهراء القرطبي ومروان حجي وصلاح الدين محسن بالإضافة إلى مجموعة من الفرق الفنية والمجموعات الإنشادية كالطريقة القادرية البوتشيشية والطريقة الصقلية وسماع الطريقة الريسونية وسماع الطريقة الشرقاوية والوزانية (المغرب ) والطريقة الخلواتية للشيخ نور الله فاتح وسماع الطريقة الرفاعية ( تركيا ) .
وموازاة مع الأمسيات الصوفية وحلقات الذكر التي ستنظم في إطار هذا المهرجان ستعرف دورة هذه السنة في الشق الأكاديمي تنظيم العديد من الندوات الفكرية والموائد المستديرة والحوارات والنقاشات التي ستتمحور حول دور التصوف في العالم اليوم وأنجع التصورات من أجل ربط الروحانية بالعمل الاجتماعي والبيئي وبالمقاولة وكذا أحسن السبل لجعل الروحانية والتصوف مساهمان في التنمية البشرية .
ومن بين الندوات الفكرية التي ستنظم في إطار هذه التظاهرة التي سيحضرها العديد من المفكرين والباحثين والمهتمين بقضايا التصوف والتنمية ندوة فكرية ستحاول الإجابة على سؤال ” هل هناك إحياء للتصوف في العالم الإسلامي ” وثانية ستبحث موضوع الشعر الصوفي الفارسي ” بينما ستعالج الثالثة موضوع جلال الدين الرومي والمولويون .. شعر النشوة والمحبة ” بالإضافة إلى رابعة ستدرس موضوع ” جلال الدين الرومي والإرث الموسيقي الفارسي ” .
كما سيبحث المشاركون في هذا المهرجان قضايا أخرى تهم ” الثقافة والشعر الصوفي الأمازيغي ” و ” التغني بالمحبة الروحية بين الشرق والغرب ” و ” نصوص وقصائد المحبة الروحية في المغرب والأندلس ” و ” الثقافة والتعبير عن الحب الروحي في إفريقيا جنوب الصحراء وغيرها ” .
ويروم مهرجان فاس للثقافة الصوفية الذي نظمت دورته الأولى سنة 2007 التعريف على المستوى العالمي بالصورة الإيجابية للإسلام من خلال إبراز عمق ومقاصد ثقافة الانفتاح والتسامح التي اعتمدها المتصوفة في تجاربهم إضافة إلى تكريس ثقافة مشتركة ترتكز على قيم التعايش والإخاء والسلام .
وأضحى مهرجان فاس للثقافة الصوفية يشكل إلى جانب مواعيد فنية أخرى كمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة إحدى المحطات الثقافية والفنية الكبرى للعاصمة الروحية للمملكة التي تستهوي عشاق هذه الأنماط الفنية.
وكانت الدورة الثامنة لمهرجان فاس للثقافة الصوفية التي نظمت خلال السنة الماضية تحت شعار ” على خطى ابن عربي ” قد عرفت مشاركة مجموعة من الفرق الفنية من المغرب والخارج إلى جانب مفكرين وأكاديميين وباحثين في مجالات التصوف والثقافة الروحية.