الخميس , 10 أكتوبر 2024
الرئيسية » دراسات نقدية » لوحات حمامي تحلق في سماء الرباط بريش التصوف

لوحات حمامي تحلق في سماء الرباط بريش التصوف

رفع ستار اللوحة التشكيلية مؤخرا، برواق النادرة بالرباط، عن وشاح تجربة تشكيلية وجدية، عرفت كيف تصنع من ألوانها شطحات صوفية رقيقة، وتهدي للمتلقي فيض إيحاءات فنية مبدعة، ورقصات تشكيلية ليست ككل الرقصات.
الأمر هنا يتعلق بالمعرض التشكيلي، الذي ينظمه الفنان إبراهيم حمامي من الخامس وحتى الخامس والعشرين من شهر فبراير، تحت عنوان ” اللوحة الحال “، كشكل من أشكال الإبداع الجميل، الذي يمنح لأعمال الفنان آفاقا رحبة للتأمل، واكتشاف العالم، الذي أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية.
ويقدم الفنان في هذا المعرض، فيضا، المقامات الشريفة والجمالية، التي تمنح لتلك اللوحات خصوبة فنية راقية في بعدها الفلسفي، والشاعري. هي لوحات أسرة، ولغة موحية تينع من ثنايا سحر جميل، رسومات، تتنفس من أفق التمني، عالم يحتفي بوداعة المادة، في جوهرها الراقي الذي يستمد قوته وجماليته من حركة الريشة وسحر الألوان.
معرض الفنان حمامي حال من أحوال اللوحة، وطقس من طقوسها السرمدية، الذي يلتحف بصوف الدفء في أعشاش الحلم، حالات فنية يدرك الفنان وحده، كم هي متقلبة حسب الظروف والأجواء، تارة تكون حزينة، وأخرى تكون محلقة في السماء كالعصافير. انه كرنفال من الألوان التي تمنح المتلقي انتعاشا ساميا، سمو الروح في أبهى حالاتها العاطفية والإنسانية، فرغم سديمية مرايا اللوحات، إلا أنها تكشف أزار الرؤى عن أبعاد وتعابير أكثر ثراء وخصوبة، وذلك بلغة أكثر إيحاء.
إن الفنان إبراهيم حمامي في هذا السياق، شاعر يكتب بيراع الإيحاء، له نضم خفيف، ورقص شعري موحي، مكتنز بثنائية ضدية، غاية في بلاغة الإبهام والغموض، لكنها تطرح السؤال، وتخلخل الذاكرة، وتنعش الروح.
وبهذا يستطيع الفنان، الذي يحتفي بلغة الصلصال، أصل الكون، وبألوان السماء، في قمة توهجها، قبل أن تغسل وجه الكون من رجفة الأنين والمواجع، بهذا يستطيع ان يكون هذا الفنان الهلامي، الذي يصنع من لون التراب، إحساسا بملمس الحرير، ما يعطي تلك الأعمال المنفتحة على تعدد الدلالات السيميائية، حالة قصوى من الرقة والإمتاع الفني، ورقة الحروف حين تنسج من حركة الريشة حدودا ممكنة للحلم والمحال والمستحيل.
عموما يمكن اعتبار الفنان في هذا الإطار أحد مبدعي المستقبل، والذي تعطي تجربته للوحة تكريما خاصا، حيث يزرع فيها بدرة روح إنسانية وشاعرية وكونية، وثقافية وفكرية وفلسفية، تلك إذن إحدى حالات حمامي الخاصة وجذبته التشكيلية، ما يحول ريشته إلى أجنحة حمام، والألوان إلى سرب أحلام تراقص سحر الأشياء والموجودات في تناغم فني وديع.

شاهد أيضاً

مونودراما مغربية احتفاء باليوم العالمي للمسرح..

عبد السلام انويكًة دوما كانت تازة منذ حوالي نصف قرن، فضاء فنون أدائية حية كما …