الجمعة , 4 يوليو 2025

العيطة بصيغة معاصرة: حفل جماهيري مرتقب لنسيم حداد بالبيضاء

يُحيي الفنان والباحث المغربي نسيم حداد، مساء السبت 5 يوليوز، أكبر حفل عيطة في تاريخ المغرب، بالساحة الكبرى لموروكو مول بالدار البيضاء، في إطار مشروعه “Ayta World Tour” الذي يسعى من خلاله إلى إعادة تقديم التراث المغربي برؤية معاصرة ومنفتحة على العالم.

الحفل، الذي يُنتظر أن يستقطب جمهورًا واسعًا من مختلف الفئات، يتميز بمرافقة أوركسترا موسيقية ضخمة، وتوقيع بصري وصوتي غير مسبوق، يترجم التصور الفني الذي يحمله حداد في مقاربته لفن العيطة، ليس كغناء شعبي فقط، بل كبنية ثقافية وصوتية حيّة تُعيد تشكيل العلاقة بين المغاربة وتراثهم الجماعي.

ويأتي هذا العرض تتويجًا لمسار فني ومعرفي متفرّد، انطلق من تفاعلات نسيم حداد مع الغناء الغيواني في بداياته، مرورًا بانغماسه في التراث الكناوي والملحون، ووصولًا إلى العيطة التي شكّلت بالنسبة له نقطة تحول جوهرية، جعلته يشتغل عليها من الداخل، لا كمجرد مؤدٍ، بل كصانع لمعناها الجمالي والاجتماعي الجديد.

ولم يكن غريبًا أن يصفه الفنان عمر السيد، أحد مؤسسي مجموعة “ناس الغيوان”، في أحد تصريحاته السابقة، بـ”حامل المشعل الغيواني”، مشيدًا بوعيه الفني وصدقه في ملامسة التراث دون الوقوع في التكرار أو الاجترار.

ما يُميز حداد، إلى جانب قدرته التقنية على الأداء، هو انتقاله السلس بين الألوان الصوتية المغربية المختلفة — من الغيوان والكناوي، إلى الأمازيغي والملحون — دون أن يفقد تماسك مشروعه، الذي تظل العيطة مركز ثقله الجمالي والثقافي. وقد أدّى الأغنية الأمازيغية، على سبيل المثال، بلغة سليمة وإحساس داخلي عميق، جعله أقرب إلى المتحدث الأصلي منها إلى المؤدي.

هذه الرؤية الشاملة للصوت المغربي، لا تُفصل عن خلفيته العلمية الفريدة. فنسيم حداد حاصل على دكتوراه في الفيزياء النووية، وسبق له أن اشتغل ضمن تجربة ATLAS في مركز الأبحاث النووية العالمي CERN، وله أكثر من 600 مقال علمي منشور. إلا أن شغفه بالتراث قاده إلى مغادرة المختبر، لصياغة مشروع فني يجعل من الذاكرة ساحة للابتكار، لا التكرار.

نجاحه لم يبق حبيس النخبة، بل لامس جمهورًا واسعًا، خصوصًا بعد أن تصدّرت إحدى أغانيه الأخيرة الترند في عدد من الدول العربية، من الخليج إلى المشرق، بلهجتها الأصلية، دون أي تعديل، وهو ما يُعدّ حدثًا نادرًا لفن ينتمي إلى ذاكرة محلية وشفوية.

وبهذا الحفل، يواصل نسيم حداد ما بدأه: مشروع فني ـ حضاري، يعيد لفن العيطة مركزيتها، ويمنح الصوت المغربي مكانته الطبيعية كأداة للتعبير، والانتماء، والمصالحة الجماعية.

شاهد أيضاً

الدكتور نبيل بن عبد الجليل يقود سهرة “زخارف الأنغام” بالدار البيضاء

تستعد جمعية “جسر الفن” لتنظيم سهرة فنية تحت عنوان “زخارف الأنغام”، بمشاركة مجموعة “زخارف”، يوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *