عندما أطلق الفنان حسن الفد وصف “هركاوة” على أداء وسلوك بعض أهل الفن، لم تكن مجرد كلمة عابرة في حوار عادي، بل كانت توصيفًا عميقًا لحالة فنية تشهدها الساحة المغربية. “الهركاوة” ليست مجرد أسلوب في الأداء، بل تعبير عن سطحية في التصور والعقلية، باتت تسيطر على جزء كبير من المشهد الفني والدرامي في المغرب.
لقد أصبح هذا الأسلوب خطيرًا حينما انتقل إلى الشاشة الصغيرة، حيث تسللت السطحية إلى قلب الأعمال التلفزيونية، وفرضت نفسها على جمهور يبحث عن محتوى يرتقي بفكره وذوقه. هذه الحالة، التي يمكن وصفها بـ”الهركاوية الفنية”، لم تأتِ من فراغ، بل وجدت طريقها بفعل اختيارات ممنهجة ويمكن مدروسة من مسؤولي القنوات التلفزيونية، الذين يرون أن هذا النوع من الفن يعكس حال الجمهور المغربي ،و أن المغاربة لا يستحقون سوى هذا المستوى من الإنتاج الفني.
ومن بين الأمثلة البارزة لهذا الأسلوب، هناك أسماء مثل دنيا بوطازوت وغيرها ممن تبنوا هذا النهج في الأداء الفني، حيث أصبحت البساطة المفرطة والافتقار إلى العمق جزءًا من أعمالهم. هذه الممارسات أفسدت صورة الدراما المغربية التي كان يمكن أن تكون وسيلة لتعزيز الهوية الثقافية والفنية، لكنها أصبحت مجرد انعكاس لحالة من العبثية والسطحية.
إن “الهركاوة” ليست مجرد مشكلة فنية، بل هي انعكاس لمأزق ثقافي واجتماعي أوسع، يقتضي الوقوف عنده بجدية، لإعادة الاعتبار للدراما المغربية كرافعة للإبداع والفكر، بدلاً من أن تكون مرآة لواقع يرفضه الجمهور ويسعى لتجاوزه .