الأمر يتعلق بأحد أقدم مدن البحر الابيض المتوسط …مدينة ليكسوس .
المدينة التي بنيت فوق صخرة قرب مدينة العرائش في الشمال المغربي وعمرت على مدى 22 قرنا ، لتنتقل من مدينة غنية يحتلها الرومان الى مدينة اسلامية حملت اسم “تشميس” .
الان أعمدتها ومعالمها التي تتحد الزمن والآيلة للسقوط تشي بالكثير من الاسرار والأساطير .
يكتبها كل أسبوع : المسافر
شكل جديد بدا عليه الموقع الاثري مدينة ليكسوس بعد أن قررت وزارة الثقافة المغربية فتحه أمام العموم في أبريل العام 2019 .
الموقع الذي ظل مغلقا لعقود طويلة وارتبط عند المغاربة بالأساطير شهد الكثير من الاصلاحات التي تسمح للزوار بتحقيق متعة ولذة التواجد في مكان استثنائي ، حيث تم تسييج الموقع وإحداث مركز للتعريف بتراثه، وبناء قاعة محاضرات وفضاءات للاستقبال، كما تم تحسين وتهيئة مسالك الزيارة به وتثمين مكوناته….كلها اصلاحات يراد من خلالها اعادة الاعتبار لفضاء ظل مغلقا ومهملا لسنوات طويلة.
الاسطورة شكلت ملمح هذه المدينة يقول المحافظ الجهوي للتراث بطنجة فتأسيس المدينة يتزامن مع ما تم ذكره في الاساطير الاغريقية حول شخصية هرقل وأسطورة قطفه للتفاحة الذهبية من حديقة “الهيسبريديس” التي يعتقد أن موقعها هو مدينة ليكسوس
معطى يؤكده محافظ موقع ليكسوس حين يعتبر أن هذه الحاضرة من المدن القلائل في المغرب التي تتوفر على اسطورة التأسيس ، فأسطورة المكان يقول محافظ الموقع مرتبطة ببناء معبد “الاله ملقارت” من طرف الفينيقين في القرن الثاني عشر قبل الميلاد .
أساطير المكان
ظلت مدينة ليكسوس محاطة بالأساطير، وظل المغاربة ينظرون الى المكان بأعمدته المتآكلة نظرة ريبة وإعجاب ، وطالما تداول سكان مدينة العرائش القريبة من الموقع حكايات أقرب الى الخيال عن أصوات تنبعث من المكان وتعكس دوما صهيل الخيول .
هالة الأسطورة كان منبعها دوما الاعتقاد بأن المدينة تقع على حافة نهاية عالم البشر وبداية عالم الالهة ، وموطن الصراعات والحروب التي شكلت تاريخ الانسانية على وجه الارض ، وموطن الاسطورة هرقل الذي حارب العمالقة والوحوش والمخلوقات الخرافية من أجل الخلود .
مدينة الملوك
حسب الحفريات فان أقدم ما تم اكتشافه من أثار في مدينة ليكسوس يعود الى حقبة القرن الثامن قبل الميلاد ، حين اسس الفيقيون مدينة على مساحة 14 هكتارا كأكبر مدن عصرها التي ازدهرت كمركز تجاري مزدهر بفضل التجارة مع القرطاجيين والاغريق .
مدينة ليكسوس التي حضيت بأهمية سياسية وتجارية كبيرة كانت مستقر عدد من ملوك عصرهم كما يقول هشام حسيني مدير موقع ليكسوس ، وهكذا استقر بها ولازمها ملوك كبار من قبيل ملوك المماليك المورية والملك يوبا الثاني وابنه بطليموس الذي يعتبر اخر ملوك الموريين الذي تم اغتياله من طرف الامبراطور الروماني كاليكوى حوالي سنة 40 ميلادية
وقد استطاع خبراء الاثار تحديد الكثير من ملامح العيش الباذخ في هذه المدينة خاصة حين حددوا مكان بناء البلاط الملكي أعلى الربوة بحدائقه وأعمدته الرخامية الفخمة ، وحيث توحدت هنا الهندسة الفينيقية ومن بعدها الهندسة الاسلامية التي تجسدت في المساجد على الخصوص.
حين ينطق الحجر
هي مدينة لم تكتشف بعد والمستكشف منها كما يقول العربي المصباحي عن الجمعية المغربية لعلوم الاثار لا يتجاوز 13 في المائة ، فيما الباقي لايزال مدفونا تحت باطن الارض …فالحفريات لحد الساعة يقول العربي المصباحي كشفت عن ثروة أثرية نفيسة حيث تم اكتشاف حي صناعي متكامل مرتبط بوادي اللوكوس وبه حوض مائي كبير ما يعني أن الأمر يتعلق بمصنع للسمك المملح خاصة سمك التونة الذي تعرف به هذه المنطقة .
أما الحي السكني الذي كان يضم منازل شاسعة بباحات ذات أعمدة كبيرة فيعكس ثراء وغنى وبذخ سكانها حيث المنازل زينت بلوحات فسيفسائية وصباغات جدارية وحمامات وتحف فينة ثمينة ، وهي الملامح المعمارية نفسها التي يجسدها بشكل كبير البلاط بلاط ” حي المعابد” الذي بني على الربوة كأعلى مكان مميز بأعمدته الرخامية
لاتستقيم الجولة في مدينة ليكسوس دون تمثل ما بقي من معالم المسرح الروماني الدائري المدرج والفريد من نوعه الذي يعد أهم وأعرق المواقع الاثرية في البلاد.