تحتضن مدينة الدار البيضاء في الفترة ما بين 11 و 16 يوليوز المقبل الدورة ال 28 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي تحت شعار “المسرح والمجتمع، صمت نحو انطلاق جديد”. ويشارك في هذه التظاهرة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، فضلا عن المغرب، كل من الجزائر وتونس ومصر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمكسيك والصين والولايات المتحدة الأمريكية.
ويتضمن برنامج هذه الدورة عقد سبع ورشات تكوينية تتمحور حول الصمت شعار هذه الدورة، تؤطرها فعاليات وطنية ودولية، فضلا عن تنظيم مائدة مستديرة قطاعية ستتمحور بدورها حول الصمت في محاولة للتقرب من ثقافة وعلمية الصمت الذي يعتبر لغة داخل كل اللغات التي تنتج الإبداع.
وأوضح رئيس المهرجان عبد القادر كنكاي عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء، في لقاء مع الصحافة ، أن شعار هذه الدورة يأتي في سياق اختيار الصين الشعبية ضيف شرف هذه الدورة، مضيفا أن الصمت يعتبر مكونا أساسيا في الثقافة الصينية في أغلب المجالات والممارسات التي تخص الأفراد والجماعات، وخاصة في الفنون والطقوس المرتبطة بالتأمل والتركيز والتدبر والسماع والإحساس.
وأبرز كنكاي أن الصمت خاصية فنية وتقنية وتاريخية في كل الفنون التي توظف الصمت كلغة وإشارة وبعد سيميائي، موضحا أن المسرح بحكم أنه ملتقى الفنون وتلاقحها يحتفي بالصمت على عدة مستويات ويستنطق ما وراءه أو بالأحرى يقاربه، لذا “يستقبلنا الصمت في هذه الدورة إبداعا ولغة وتواصلا”.
وأكد رئيس المهرجان أن اختيار الصين ضيف شرف هذه الدورة جاء لتعزيز العلاقات بين البلدين، وتحفيز الجانبين على المزيد من التعاون والانفتاح على بعضهما ، وذلك ترسيخا لقيم التسامح والسلام بين الشعبين ومد جسور التقارب بين ثقافتيهما، وتتويجا للعلاقات التاريخية الأخوية الطيبة بينهما.
وأبرز أن المغرب والصين يمتلكان العديد من النقاط الأساسية المشتركة، ومنها بناء هوياتهما على مواردها الطبيعية والبشرية الخاصة، مع انفتاح على العالم في إطار من التسامح واحترام الآخر.
وأضاف أن المهرجان يطمح في ظل التقارب الموجود بين الشعبين في سياق دينامية ثقافية وسياسية جديدة إلى المساهمة في إضاءة هذه المعرفة وتقويتها بين البلدين وتنميتها في إطار دبلوماسية موازية.
وفي معرض حديثه عن أهمية الدورة 28 لهذا المهرجان الذي يأتي ” تتويجا لمسار طويل من عمل ودينامكية” كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك سيدي عثمان بالدار البيضاء، أبرز السيد كنكاي أن هذه التظاهرة تقدم فرصة لجميع الفاعلين لخلق تفاعل وحوار على مستوى الدار البيضاء الكبرى والمغرب في إطار مقاربة تشاركية هدفها تحكيم العقل ووضع شروط اللقاء والتبادل والصداقة والسلام الاجتماعي المنشود.
واعتبر أن المغرب يعيش نقلة مؤسساتية من خلال تطبيق الجهوية المتقدمة ومن خلال إنشاء جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء الكبرى التي بلغ عدد طلابها مائة ألف طالب، وهو المعطى الذي يفرض، برأيه، إعادة التفكير في مفهوم الفضاء (التقطيع الترابي) وفي توقعات السكان (الجيل الجديد من الشباب) وفي مفهوم الهوية ومستقبل مغرب الغد.
من جهة أخرى، ذكر متدخلون خلال هذا اللقاء أن المهرجان السنوي ساهم في ترسيخ الديبلوماسية الثقافية الموازية، و في الانصهار وتلاقح الثقافات والتجارب وتطور الفعل المسرحي، موضحين أن معظم خريجي المسرح الجامعي يحملون الآن لواء الفعل والتفعيل في عدة مؤسسات تمثل القطاع الخاص والعام، في المسرح والسينما والتلفزيون والصحافة والعلاقات العامة وإدارة المهرجانات مختلفة التيمات.
وأبرزوا أن المسرح الجامعي ساهم في بروز جيل من المحترفين بأدوات وآليات علمية وبرؤى أكاديمية وممارسة مهنية منفتحة على التأصيل والحداثة، فضلا عن وجود مدرسين وباحثين ومؤطرين ومسؤولين على عدة مبادرات ثقافية وفنية، من أجل فن مترسخ في التجربة التنموية الثقافية المغربية.
وأشاروا إلى أن لجنة تحكيم هذه الدورة، المهداة للفنان المغربي “المتعدد”، السينمائي والكوليغرافي والموسيقي لحسن زينون، تتكون من فعاليات وطنية تمثل تخصصات فنية مختلفة من إخراج وتشخيص وموسيقى، وفعاليات دولية من الصين وألمانيا.
وأوضحوا أن فضاءات المهرجان تتوزع ما بين كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، للعروض المسرحية والمائدة المستديرة، المركب الثقافي مولاي رشيد، المعهد الفرنسي للدار البيضاء، المركب الثقافي سيدي بليوط، استوديو الفنون الحية، المركب الثقافي محمد برادة، ومقر إقامة المهرجانيين المدرسة العليا للمكانيك التطبيقية طريق الجديدة، التي ستقدم فيها الورشات التكوينية ومناقشات منتصف الليل.