الجمعة , 13 ديسمبر 2024
الرئيسية » TV و سينما » ملف: المشاهد الساخنة في السينما المغربية حشو أم إبداع / وقاحة أم جرأة

ملف: المشاهد الساخنة في السينما المغربية حشو أم إبداع / وقاحة أم جرأة

ينضاف الفيلم الجديد ” الزين اللي فيك” للمخرج نبيل عيوش لعدد غير قليل من الافلام السينمائية المغربية التي اشتركت في ” الممنوع” وسلكت طريق  ما أطلق عليه بسينما الواقع المرتكزة أساسا على المشاهد الجنسية الساخنة وعلى الرقص بملابس شفافة واستعمال لغة الشارع الهابطة وعلى المخدرات والشذوذ كتيمات رئيسية.

وذلك عنوان مرحلة سينمائية مغربية اختارها بعض المخرجين المغاربة لينقسم من حولهم الرأي العام بين مؤيد لتكسير الطابوهات في السينما وبين رافض لذلك انطلاقا من أخلاقيات وتقاليد المجتمع

وكان موضوع المشاهد الساخنة واللغة البذيئة في السينما المغربية قد تجدد فيه النقاش والجدل بعد أن كانت قد أوقفت أحد أكبر القاعات السينمائية في المغرب عرض فيلم ” فيلم” لمخرجه الشاب محمد أشاور بعد أقل من أسبوع على عرضه ، إدارة القاعة السينمائية تحججت برفض الجمهور للغة الفيلم ومشاهده المثيرة فوق اللازم في حين اعتبر مخرج الفيلم أن ذلك ضريبة تجسيد الواقع في مجتمع يخاف من واقعه ….هذه الحادثة  تعيد من جديد الجدال والنقاش والنزاع الذي يتفجر في المغرب كلما خرج للقاعات السينمائية فيلم على شاكلة الأفلام التي تناسلت في السنوات الأخيرة فيما يشبه موضة  جنحت إليها السينما المغربية .

ففيما يشبه موضة العري في السينما المغربية خرجت للقاعات السينمائية ودفعة واحدة أربعة أفلام هي :”جناح الهوى” و “سميرة في الضيعة” و”حجاب الحب” و”كازا نيكرا” جلها لمخرجين مغاربة طلقوا فجأة السينما ” الهادفة” واهتموا بمواضيع غرف النوم مبررهم في ذلك  هو أنهم يعكسون الواقع المغربي بجميع ظواهره ومظاهره ..فالشذوذ الجنسي موجود في المجتمع والخيانة الزوجية أيضا والمخدرات تنخر جسد المجتمع (فهل ابتكرنا شيئا جديدا تساءلت أكثر من مرة مخرجة فيلم ” ماروك” ) الذي تعرض لهجوم نقدي كبير عند ظهوره في الصالات السينمائية

الهجوم نفسه كانت قد تعرضت له العديد من الأفلام التي سميت “بأفلام المشاهد الساخنة” انتقادات شملت المخرجون والفنانون على السواء واتهموا بضرب الأعراف عرض الحائط والتمرد على التقاليد وهو اتهام  تبنته أطراف إسلامية في المغرب والتي دخلت على الخط وأوصلت الجدل إلى البرلمان وسعت في ظروف كثيرة إلى المطالبة بمنع هذا النوع من الأفلام من العرض في مسعى لتحميل الدولة مسؤولية صون قيم المجتمع

وقد شكلت واقعة فعاليات مهرجان وهران الدولي للفيلم بالجزائر (2010 ) الحدث المفصلي في هذا الجدل الدائر حيث انسحبت أعداد كبيرة من العائلات الجزائرية من قاعة العرض احتجاجا على مااسموه بالمشاهد الساخنة التي يعج بها الفيلم المغربي ” المنسيون” الذي شارك ضمن مسابقة هذا المهرجان وقد شنت الصحافة الجزائرية آنذاك حملة مسعورة على السينما المغربية خاصة وان إحدى ممثلات هذا الفيلم المغربي هي جزائرية الأصل وهوالامر الذي اعتبر إساءة واضحة مقصودة للجزائر والجزائريين .

حجاب الحب

من الأفلام التي تعاطت بجرعات زائدة مع قضايا الجنس هناك فيلم “حجاب الحب” لمخرجه عزيز السالمي الفيلم آثار فور عرضه في القاعات السينمائية جدلا واسعا وسط مطالب بوقف عرضه بحجة أنه يسئ للمرأة المحجبة ويدعو للفسق ، وكانت نقطة إقامة البطلة المحجبة في الفيلم لعلاقة خارج إطار الزواج انتهت بحملها النقطة التي أفاضت الكأس وعرضت مخرج العمل لهجوم قاس اجتمع حوله بالإضافة إلى المحافظين بعض النقاد المغاربة حيث اتهم المخرج بتوظيف المحجبات بطريقة تسئ إلى الإسلام،وطالب الكثيرون بوقف عرضه لأنه يصور المرأة المحجبة كمتمردة على الأعراف والتقاليد وينتصر ويبرر أخطاءها وبالتالي يشجع على هذا التمرد

بالمقابل انبرت قلة قليلة من الأقلام تدافع عن الفيلم ولو بصوت منخفض معتبرة فيلم “حجاب الحب” إضافة نوعية في السينما المغربية الحديثة وأن الفيلم جاء لكشف تناقضات العلاقات الإنسانية

وأن مخرج العمل نجح في كشف الصورة الواقعية لمجتمع مبني على الكثير من التناقضات

مغربيات الأدوار الساخنة>

في السنتين الأخيرتين علا شأن عدد كبير من الممثلات المغربيات سواء في المشرق العربي (مصر تحديدا) أوفي الدول الغربية (فرنسا بالخصوص) علو الشأن اختصر أساسا في الأدوار أو المشاهد الساخنة التي انيطت بهؤلاء الممثلات سواء لضرورة فنية أم لتعويض فراغ خاصة مع إحجام العديد من الممثلات في السنوات الأخيرة في المسلسلات والأفلام العربية على أداء أدوار جريئة ، وقد تحولت مشاركة الممثلات المغربيات في بعض الأعمال وهن في الغالب ممثلات مغمورات  إلى موضوع لنقاش فني ساخن في المغرب خاصة مع اختصارهن في أدوار الإغراء والإثارة (مسلسل العار المصري في رمضان الماضي) مما خلق ضجة إعلامية وردود أفعال قوية ..فقد جلبت الأعمال المصرية الثلاثة مثلا ” الباحثات عن الحرية”و”العار” و احكي ياشهرزاد” الكثير من السهام والتجريح لثلاثي الممثلات المغربيات سناء عكرود وسناء موزيان وإيمان شاكر وانتقدن أساسا لآد وراهن التي اعتبرت أدورا رخيصة لم تقبل بها الممثلات المحليات ومن تم تفتقد أي الادورار لمبرر وجودها الفني أصلا لأنها أدوار خليعة وتسئ لصورة المرأة المغربية عموما

الجرأة /الوقاحة

الناقد السينمائي حمادي كيروم اعتبر ان الجرأة وعي وسلوك ثقافي مبني على تجاوز الرأي العام ، مشيرا إلى أن الجرأة مجال يبدع فيه المثقفون أكثر

الناقد السينمائي المغربي المخضرم فصل مابين الجرأة والوقاحة واعتبر الأخيرة سلوكا غريزيا استفزازيا بعيدا عن الوعي ، فالتصالح مع الجسد في  رأي كيروم لن يتأتى إلا إذا كان المخرج السينمائي نفسه متصالحا مع ذاته لأن المسألة يضيف مسألة تفكير فلسفي والمخرج المغربي تنقصه الثقافة وليس متبحرا في علم الجمال والنفس والمحكي الشفاهي العالمي

الناقد كيروم وفي معرض حديثه عن علاقة الحبكة الدرامية للأفلام المغربية وعلاقتها بالصورة التي أثارت جدلا اعتبر أن هناك بعض المخرجين المغاربة من يحترمون في لقطاتهم الجريئة الحبكة الدرامية ..مثل المخرج نبيل عيوش في فيلمه الذي منعته الرقابة ” دقيقة في شمس على الأقل” الذي صور فيه عملية جنسية بين شرطي وبطلة الفيلم تناسب الحبكة الدرامية ، كما أن عبد القادر لقطع توفق في لقطاته الجنسية التي جمعت معلمين في فيلمه ” الباب المسدود” بملائمة الحبكة الدرامية ، ولايمكن يضيف كيروم أن ننسى فيلم ” البراق” للمخرج محمد مفتكر و”العيون الجافة ” للمخرجة نرجس النجار

أما فيلم “حجاب الحب ” للمخرج نجيب السالمي الذي آثار ضجة كبيرة فيقول الناقد السينمائي حمادي كيروم انه لم يتوفق في تصوير الجرأة لأن جسد الممثلة كان جميلا ولكنه لم يوصورها بطريقة جمالية وفي هذا الباب يمكن أن نقول ان النظرة العربية للجسد تختلف عن الرؤية الغربية لأن الغواية والشبق لايتحققان من خلال العري الصافي ولكن يتحققان من خلال ثنائية الإظهار والإخفاء ، والجمال سينمائيا لايمكن أن يتحقق بالاعتماد على هذه الأخيرة يختم كيروم

حسابات الشباك

مداخيل الشباك واكراهات العمل السينمائي في المغرب وقلة القاعات السينمائية وتلكؤ المنتجين والموزعين كلها عوامل قد تساهم في الصورة الأخيرة للعمل السينمائي ، وإذا كان بعض المخرجين المغاربة يعتبرون أن المشاهد الساخنة هي جزء من العمل السينمائي الفني فان البعض الآخر يعتبر المشاهد التي تعتبر ساخنة هي ملح العمل السينمائي حاليا فالجمهور يقبل على الأفلام الصادقة التي تنقل واقعه ويبتعد عن الأفلام التي تريد أن تحلق به في عالم مثالي

وهو الأمر الذي لايتفق معه الناقد السينمائي عبد السلام الفيزازي الذي يعترف للسينما المغربية بما حققته في السنوات الأخيرة من طفرة مهمة على مستوى الكم والكيف (15فيلما في السنة ) لكنه يعيب عليها انجرافها نحو موجة العري التي جرفت الكثير من المخرجين المغاربة بعدما قدموا في تجارب سابقة أفلاما إنسانية ذات بعد جمالي رفيع

الناقد الفيزازي يستغرب أنه في الوقت الذي تطورت  فيه العديد من البلدان سينمائيا فان السينما المغربية ضلت حبيسة مشاهد الإثارة والإغراء وهي أسباب يعتقد الفيزازي أنها تعجل بموت السينما المغربية عوض تطورها وتألقها عالميا ، فالجمهور السينمائي يحتاج إلى أفلام تحترم ذكاءه ومشاعره وعقله وقد يتفاعل مؤقتا مع سينما تدغدغ مشاعره لكنه لن يحترمها أبدا .

المنطق الدرامي

لطيفة أحرار الممثلة المغربية التي أثارت ضجة كبيرة حين جسدت دورا جريئا في مسرحيتها “كفر ناعوم” قالت إن الجرأة لاتتجلي في العري والتجرد من الملابس فقط بل إنها تتجلى في الدفاع عن اختياراتي بحرية واستماتة ، والجرأة تضيف أحرار هي أن أدافع عن مشروعي الثقافي وأن لاأتراجع إلى الوراء عندما تخلق ضجة مفتعلة

الممثلة المغربية اعتبرت أن تجردها من ملابسها في عملها المسرحي الأخير كان يستند إلى منطق درامي محض مؤكدة أن واجبها الفني يقتضي بين الفينة والأخرى زعزعة التوابث في صفوف الجمهور والتي لاعلاقة لها بالفن معتبرة نفسها وصية ومسؤولة عن تكوين دوق فني سليم ورفيع لدى المتلقي ، فالجمهور الذي تريده أحرار مختلف يفكر وينتقد ويحتج أيضا ولن يتأتى هذا إلا من خلال تكسير الطابوهات المرتبطة بالجسد ولما لا المجالات الأخرى

استماتة أحرار تجد صداها أيضا لدى المخرج السينمائي عزيزالسالمي صاحب فيلم “حجاب الحب” الذي يرى أن واجبه كمواطن وكفنان يحتم عليه التحدث عن جميع الظواهر بما فيها التي تبدو غريبة أوشاذة ثم صياغتها في قالب سينمائي مؤكدا على استقلاليته في ذلك دون رقيب أو وصي

وعن حجم مسؤولية المخرج في العمل السينمائي وأحيانا تدخل المنتج الذي يراعي مردودية الفيلم المادية وحجم الإقبال عليه

قال السالمي إن المخرج هو المسؤول الأول والأخير عن الفيلم وهومن يحدد المشاهد وليس من حق أي طرف آخر التدخل في عمله على خلاف الولايات المتحدة الأمريكية حيث المنتج هو من يتحكم في الفيلم ويفرض  رأيه وقد يوقف التصوير إذا فرض عليه المخرج أو الفنان رأيهم ، فالمخرج حسب السالمي دائما لايقدم المشاهد الجريئة أو التي تحتوي على إيحاءات جنسية بدون سبب فأي مشهد له دور في البناء الدرامي وغالبا ما ينقل وضعا اجتماعيا معاشا فيه انحرافات وفساد وغيرها من الظواهر الموجودة في المجتمع .

شاهد أيضاً

فيلم “ينعاد عليكو” للمخرج الفلسطيني إسكندر قبطي يفوز بالنجمة الذهبية للدورة ال21 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش

وخلال حفل اختتام هذه الدورة الذي احتضنه قصر المؤتمرات بالمدينة الحمراء وعرف حضور نجوم الفن …