عزيز ريان : شفشاون /المغرب
بدأت السينما -أصلا- في شكل أفلام تسجيلية قصيرة،لتنتقل السينما من الفعل “التوثيقي” إلى الفعل “التخييلي”:أي بعبارة أخرى،من التوثيق إلى الإبداع.وبظهور التلفزيون انتقل الفيلم الوثائقي من حالة الوثيقة المصورة والتحفة الهامدة النادرة في كهف الذاكرة،إلى دور الحجةالمرئية المسموعة،لإثبات الحدث الآني الطازج في فضاء الرأي العام كما يشير الكاتب الصحفي المغربي أحمد الخمسي.
بدأ الفيلم الوثائقي يثير اهتمام جمهور متزايد بشكل ملحوظ،على مستوى الكم والتنوع بل وأخذ يُعرض بقاعات السينما،كما هو الحال في كل من فرنسا وإسبانيا داخل سلسلة قاعات “فن وتجريب”.والأكيد أن هذا النوع بدأ يتخلص من “نخبويته”،ويشق طريقه في مجال التوزيع والدعم.وبشكل أكثر تفاؤلية،فهو فيلم دقيق وإبداعي وملائم ليكون له مستقبلا واعدا.
استعاد هذا الصنف الفني عافيته وفرض نفسه كنوع كامل يحظى بالاعتراف المستحق في عالم الفن السابع السحري، وأضحى محور تظاهرات سينمائية متخصصة معروفة تُنظم بدول عديدة(فرنسا،إسبانيا،البرتغال والمغرب).وهناك مهرجانات غير متخصصة بهذا النوع تخصص له حيزا معتبرا في برمجيتها العامة وتعرف به وتروج له باعتبار أنها مقتنعة بأنه كالفيلم الروائي (التخييلي).
وعرفت وضعية الفيلم الوثائقي تغييرا جذريا بفضل قنوات تلفزيونية (أرتي خصوصا)وبفضل الأندية والجمعيات التي تقدر هذا النوع.
تعريف الفيلم الوثائقي:
لازال الفيلم الوثائقي يثير الجدل في وضع ماهية واضحة ودقيقة له.واختصارا نسرد بعض التعاريف.فبحسب الموسوعة النظرية والنقدية للسينما الفرنسية هو:”التوليف السينماتوغرافي المكون من الصور البصرية والسمعية باعتبارها معطيات واقعية وليست خيالية،تعيد المشاهد إلى صلب الواقع لتستعيد الأشياء المرئية علاقتها العضوية به” أي له وظيفة إخبارية تأكيدية.
وبإنجلترا يعرف الفيلم الوثائقي باختصار:”الفيلم غير الخيالي”.وهو بالتالي قريب من الروبرتاج الصحفي.
نحتاج إليه(أي الفيلم الوثائقي) يقول الباحث المغربي في مجال الصورة والسينما عز الدين الوافي:”هو وجهة نظر فنية ورسالة للتبليغ وطموح أخلاقي وإيديولوجي نصبو إليه لتغيير سلوك ما أو الدعوة لسلوك مغاير.إن المخرج بالفيلم الوثائقي لابد أن يمر بمراحل معينة كاختيار رؤية محددة،وانتقاء اللحظات الفنية،والتوضيب لعرض إشكالية وكذا التفكير في بدائل لها”.
هنا الفيلم الوثائقي كسائر الأفلام يحتاج لتهيئة شروط في الكتابة والإخراج والتمويل.وبمجرد ما تتحول الأفكار إلى سيناريو يرصد ظاهرة أو يتبنى موقفا يدخل الفيلم عالم الاستعانة بالتخييل لرصد الواقع وتقول الواقع وليس الحقيقة لأنهما معطيين متباعدين.
وكما تعرفه “باتريشيا اوفدرهايدي” هو فيلم عن الحياة الواقعية لكنه ليس واقعيا.نوافذ على الحياة الواقعية بل لوحات للحياة الواقعية تستعمل الواقع كمادة لها.هو فيلم يسعى لعرض الحياة ولا يعالجها إذن…
خصائص الفيلم الوثائقي:
“مايكل رونوف” يرى أربع خاصيات للفيلم الوثائقي:
- التسجيل والكشف
- الإقناع أو الإشهار
- التحليل
- التساؤل
معضلة “الاجتماعي”
سنتطرق في هذا الصدد للفيلم الوثائقي:معضلة الاجتماعي.(مدته ساعة و 34 دقيقة)
وهو فيلم أمريكي من صنف الوثائقي الدرامي من إخراج جيلف أورلوسكي إنتاج عام 2020 تحت عنوان أصلي:The Social Dilemma. سيناريو للثلاثي:ديفيد كومب،فيكي كورتيس وجيلف أورلوسكي.
التسمية:
العنوان باللغة الإنجليزية”معضلة الاجتماعي” ،وهو أكثر تعبيرا بلغة شكسبير لما يحمله من اختصار ومناسبة لما يحتويه الفيلم المزمع تحليله.مما يسهل عملية الوصول إلى محتوى الفيلم الذي وضعته المنصة العالمية “نيتفلكس” في ريبرتوارها وهي تخفي الجانبين الخير والشرير.الخير بمعنى أنها فعلا تفكر في الناشئة وتسعى إلى تنبهيها إلى مخاطر العصر،والشرير بمعنى أنها تمتص ما قد يمنع زبنائها من المتابعة والإدمان عليها وعلى كل جديد فيها.بمعنى أنه فيلم قد يهدد تواجدها لاحقا لو ابتعد المتلقي عن هاتفه وتمكن من تفعيل آثار الإدمان التي وجب تتبعها.
يبتدئ الفيلم بمقولة لسوفوكليس المعبرة: “لا يدخل شيء ضخم حياة البشر من دون لعنة”.
نوَّع الفيلم بين ثلاث تقنيات فنية مختلفة:الحوار المباشر مع أطر وخبراء بمجال المواقع والتصميم والتسويق.والذين يؤكدون أن مواقع التواصل الاجتماعي استخدمت عكس ما توقعوه،ولم يقصد أحد أن تؤدي إلى كل هذه العواقب الوخيمة.فماهي المشكلة؟ سؤال إشكالي طرح على الجميع بعد هذه المقدمة التمهيدية للفيلم.وبالنظر إلى إدمان الأمريكيين على الأجهزة الإلكترونية كان من اليسير اللعب بعاداتهم وبالتالي عزلهم عن العالم والعيش في فظاعة بفضل كل هذه التقنيات المتطورة..فالأخبار المزيفة أكثر تقدما وتهدد المجتمعات…
كيف تفاعل العالم مع جائحة كورونا في ظل هذه الثورة؟سؤال طرح بشكل استنكاري.إذ انتقل العالم من عصر المعلومات الدقيقة إلى عصر المعلومات المضللة. هو عصر”رأسمالية المراقبة”، وعلى استعداد للتتبع اللانهائي.هو نوع جديد من السوق،لم يكن موجودا أصلا.سوق يتاجر بشكل حصري في العقود الآيلة للبشر.سوق ربحت…
هم يعرفون وقت تفاعلكم،وقت شعوركم بالوحدة أو الاكتئاب.يعرفون حين نشاهد صور أحباب سابقين.يعرفون ما يفعله المرء في الليل وكل شيء.وللجميع للانطوائيين أو المنفتحين.يعرفون نوع اضطرابكم العصبي وشخصيتكم.لديهم معلومات عنا أكثر..إن الأمر مرتبط بصناعة المنتجات ورواج الحواسيب وما تلاها من أرباح.الإعلانات تدفع باعتبار أن المعلنون هم الزبناء الفعليين:إذا لم ندفع من أجل المنتح فأنتم المنتجون هي ذي القاعدة.إذن، من السذاجة اعتبار غوغل مجرد محرك بحث،وفيس بوك موقع لقاء أصدقاء فحسب،في حين أن ما لا يدركه الناس أنهما موقعان يتنافسان على لفت انتباهك. فكل المواقع التواصلية نموذج عملها هو إبقاء الناس على موقعها ومعرفة جذب انتباه الآخرين. فكم من وقت ضاع معهم لكل فرد؟ الكثير من المعلومات التي يعرفها رواد الشبكة العنكبوتية عن طرق التحكم في الأعصاب والسوق الجديد الافتراضي.يحاور الفيلم الكثير من الخبراء والأطر وتتوارد تصريحاتهم في نفس دائرة خروج الثورة التقنية عن السيطرة.لقد حاولنا ذكر بعض الشذرات التي مرت بالحوارات والتي يصعب على المراهقين جمعها بشكل واضح،إلا إذا كان فيلما موجها للآباء أو المربين أو النخبة.
ووظف الفيلم مقاطع من محاضرات أو ندوات جرت سابقا والتي تؤكد أن العالم جن وعملية الاختراق والتزييف والاستقطاب السياسي بهذه المواقع.هكذا نغوص في حقيقة التكنولوجيا المعاصرة وما نعيشه.يعترف البعض أنه من النادر أن يكون متخصص صريح في مجاله…
واستعمل العمل مقاطع تمثيلية لطرح إشكالية الابتعاد عن الهواتف بالنسبة للأجيال الحالية بالخصوص.مظهرا قيمة تقنية الإشعارات التي تلعب على فضول وأعصاب الزبون.فما بين النقرة والإعجاب يتشكل النموذج الجديد والدقيق للسوق والسلعة الجديدة التي تلعب على مشاعر الإنسان المعاصر.فتقنيو الشركات يفكرون دوما في كيف يستمر الشباب في التواصل بإضافة صديق أو بإعلان…الفضول سمة انسانية عميقة يستغلونها.ولجأ الفيلم إلى رسوم متحركة لينقل لنا ضياع الأجيال وسط حرب تقنية خفية.
أنشئ إذن جيل عالمي كامل من الأشخاص الذين تربوا داخل إطار للتواصل وفي ثقافة التلاعب والتسلل بالبشر.
نقرأ بعدها مقولة كتبت في سواد:” إن أي تقنية متقدمة بما فيها الكفاية لا يمكن تمييزها عن السحر”أرث رسي كلارك. كل هذا أثر بشكل واضح على الأجيال بزيادة الاكتئاب والقلق عند مراهقين 2010 و2011 .وخلق جيلا قلقا وهشا ومكتئبا دوما.وبالمدرسة يلتصق بالأجهزة.لا يحب المخاطرة.غير قادر على المجازفة.انخفض معدل الحصول على
رخص سياقة….تغيير كامل في هذا الجيل.هذا نوع جديد من السلطة والتأثير:مختلف عن مستوى ظهور الصحف ومستوى ظهور التلفاز:مستوى جديد.(بالولايات المتحدة الأمريكية)
(الذكاء الاصطناعي سيد العصر.هو أكثر من ذكاء اصطناعي.الخوازرميات تزيد الاستقطاب في المجتمع.عالم لا يثق فيما هو فردي.الفرد يظن أن الحكومة تكذب وكل شيء عبارة عن نظرية مؤامرة.دعوة لعدم الثقة في أحد.لا نعرف الحقيقة لكي نجد الحل للمشكلة يصدم بعض المتخصصين المشاهد بحقيقة الضياع المتبادلة بين الصناع والزبائن.)هذه بعض الأفكار التي يقولها الفيلم.يؤكد أنه لا تشكل التكنولوجيا تهديدا وحدها،بل قدرتها على إخراج أسوأ ما في المجتمع وما هو أسوأ هو التهديد الوجودي.في مجلس الشيوخ الأمريكي يعترف أعضائه ب:أن التكنولوجيا سببت فوضى عارمة وغضب ولا مبالاة وقلة ثقة ووحدة والاغتراب والاستقطاب والاختراق وإلهاء على قضايا حقيقية.هذا المجتمع لا يعرف معالجة نفسه:فوضى.يؤثر في كل من لا يستعمل هذه التكنولوجيا.
نطالع مقولة أخرى:”سواء كان الأمر يتعلق بالمدينة الفاضلة أو النسيان فسيكون هذا سباق تتابع سريع حسب اللحظة الأخيرة”.استعمل الفيلم المقولات والأقوال الشهيرة لتنويع تقنياته الفنية وإثراء لغته السينمائية.
اقترح الفيلم إذن ستة حلول للخروج من هذه المعضلة وهي عبارة عن نصائح:
الأولى هي عدم النقر على مقاطع الفيديو والمنشورات الموصى بها لك.والثانية عدم استخدام محرك البحث غوغل والبحث عن محرك آخر لا يخزن سجل البحث مثلا”كيوانت”.والثالثة لا تشارك المحتوى قبل التحقق منه.أما الرابعة فهي لا تنقر على أشكال الإعلان الكاذب( clickbait )والخامسة لا تترك صغارك يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي.والسادسة اترك كل أجهزتك الالكترونية خارج غرفة نومك في وقت محدد.
بعض الحلول العامة:حظر راديكالي للمواقع كما تجارة العبيد،وخضوع شركاتها للتنظيم،لتغيير كيف تبدو هذه المواقع.يقول خبير تصميم:نجن من صممنا ونحن من علينا أن نعالج..
في الأخير مشهد ثلاثي الأبعاد مطالبة بتصميم انساني لهذه المواقع.يزرع الفيلم تفاؤلا،وإمكانية تحقيق معجزة لو توفرت إرادة جماعية .وهو تفاؤل لأن الحل ممكن مع الوقت.يجب معرفة المشكلة وبالتالي التحدث عنها،ومسح التطبيقات،ومسح الاشعارات…(هي حلول جذرية أثبت صعوبتها لدى الراشدين وفبالأحرى عند المراهقين)
في الختام:يصر صناع الفيلم على لازمة العصر:تابعونا في مواقع التواصل.متبوعا بعبارة نمزح فحسب.لنجر محادثة بشأن اصلاح الأمر على موقعنا.ليبقى النقاش مفتوحا بالموضوع وبالتالي عودة ضمنية للشبكة ومحتوياتها…
اللغة السينمائية بالفيلم:بلاغة الفيلم الوثائقي
هو فيلم يجيب عن سؤال بسيط ما هي مشكلة المواقع التواصل الاجتماعي:فيلم عن الحياة الواقعية.يروي قصة من الحياة الواقعية،تدعي المصداقية.تستدعي النقاش بشأن كيفية تحقيق المصداقية بصدق وبنزاهة وفي ظل إجابات متعددة.وقد اختار المخرج الطريقة التي يراها مناسبة لبناء القصة عبر شخصيات أراد نسجها للمشاهد.بلقطات قريبة في حالة التوتر والحزن وبموسيقى تصويرية رنانة.وقد وظفت تقنيات الأفلام الروائية لجذب الانتباه وتيسير الحكي وعرض وجهة نظر بمعيار جمالي متنوع وطرق مختصرة للتعبير عن المصداقية وعرض الحقائق التي تعكس”المعضلة”.هل نحن أمام فيلم دعائي حكومي ضد شركات مواقع التواصل الاجتماعي لكي تتمكن من السيطرة عليها وعلى مداخيلها والنيل من ضرائبها أكثر.وهل جذب المشاهدين؟أو إنه هو فيلم يروج لآراء منظمات المجتمع المدني باعتباره مساهما في مجال عام حيوي داخل مجتمع صحي؟لكنه فيلم يقترب من الواقع.فما هي العلاقة بين الوثائقي والواقع؟ليس سهلا أن نحدد العلاقة بين السينما والواقع،خصوصا بما يخص الفيلم الوثائقي،رغم أن الكثيرين يظنون أن ذلك من باب المسلمات الواضحة.إذ كلمة الواقع تبدو منفلتة عن التقعيد والحصر.فلفظة الوثيقة تعني الحقيقة والمطابقة.إذ اكتسبت اللفظة الكثير من الدلالات مولدة في مجال السينما الكثير من الرؤى هنا وهناك في المكان والزمان،منذ اختراع الأخوين لومير لجهاز التصوير السينمائي.
هي لعبة تمارسها السينما بعملية الايهام الخادع لفعل المقاربة هوسا بالتطابق.تحضر ثنائية النظر والواقع.الفيلم الوثائقي وسيلة مثلى للثورة،والتي وجب ازدهارها،وبل تدفع إلى اندثار الفيلم الروائي الذي أنكر قدراته الفنية.
من المسلم به أن قوة الآلة اقترنت بقوة الإيديولوجية،باعتبار السينما هي عبارة عن صورة لحقائق الحياة الواقعية،لا يجب عليها أن تكذب على المتلقي أو تلهيه،بل هي من تمثل الحداثة الزائفة المدفوعة بالآلة.
للفيلم الوثائقي قدرة فائقة على رصد مجتمع وكذا روايته وتخيله على نحو يختلف عن كونه من مجموعة من البشر فقط.ويحقق العمل التغييرات الجذرية بالفيلم الوثائقي الذي يتماهى بين سينما الواقع،وسينما المباشرة وسينما المراقبة والرصد.محافظا على تقاليد وممارسات وثائقية بتخطيط مسبق،وكتابة النص وتمثيل وإضاءة وإعادة التجسيد،والمقابلات الشخصية…
هذا الفيلم يدافع عن أطروحة الآثار السلبية للمواقع،إذ سعى المخرج إلى فرض رؤيته بشتى الوسائل،هو فيلم وثائقي عبارة عن موقف أولا أي بناء للواقع انطلاقا من رؤية. معضلة الاجتماعي بمثابة استنكار الفيلم دلائل مستمرة على وجود رأسمالية وفساد بالمجتمع.
الفيلم الوثائقي تتركز بلاغة كتابته في عدسة الكاميرا ومدى التقاطها للحظة قوية من الواقع الحي نفسه.يستنبط الابداع التوثيقي تسجيل بالتقسيط للصورة البشعة.
الفيلم برغم كل شيء لا يصل إلى مطاف الأعمال الفنية المميزة التي تركت بظهورها أثرا واضحا برغم كل التنويع البصري الذي اتكأ عليه صناعه.وبالتالي صعوبة تصنيفه في خانة الأفلام الخالدة.
نتساءل عن الفاعلية فيه باعتباره فيلما دعائيا ضد المواقع،فهل اعتمد على أدبيات ثرية لتأثيرات الإعلام؟هي نوعية من الأفلام بجهودها استطاعت تعزيز المعتقدات،ولكنها لم يكن له فاعلية كبيرة في تغيير الرأي العام.افتقد إذن جاذبية الأفلام الروائية التجارية،وعرض في مهرجان سينمائي وبعدها انتقل إلى المنصة الرقمية العالمية،أي لم يستطع أن يعمر أطول فترة في دور العرض برغم من طابعه التوجيهي.فهو فيلم “قضية” انتج للوقوف ضد هذه الفظاعة التي يعرفها العالم. فيلم ينتصر لقضية الآثار السلبية للمواقع الاجتماعية،يروج أصحابه لأراء ومواقف كمساهمة في مجال حيوي لمخاطبة الجمهور في الانخراط والمشاركة في حلول مقترحة للوقوف ضد الظاهرة.غالبا يلجأ المناصرون والنشيطون الأفلام الوثائقية كوسيلة منخفضة الميزانية لمقاومة الوضع الراهن،وكوسيلة فعالة للوصول إلى المشاهدين.
الفيلم ينتقد نظاما رأسماليا،يعرف كيف يمنع مثل هذه الأصوات التي تقف ضد مصالحه الاقتصادية الكبرى.
كما لم يلجأ صناعه بشكل واضح إلى متخصصين في العلاج الشامل للإدمان السلوكي،لتسهيل الأمر على الأجيال الحالية للتعرف إلى معضلتها الكبرى وعدم قدرتها العيش بدون هذه المواقع (ولا ننسى ما عرفه العالم من بلبلة مؤخرا بتوقف بعضها المفاجئ وما سببه من خسارات مادية ومعنوية فادحة).إن الإدمان السلوكي يتم ربطه بالكثير من الحالات بالصحة النفسية والعقلية حيث ينخرط المرء فيه في سلوك بصورة مكررة ولو كان سلوكا مدمرا.فيفقد القدرة على التحكم في سلوكه.
ختاما،تطور الفيلم الوثائقي مع ظهور الامكانيات التكنولوجية،مما أدى إلى حلول الألوان والصمت وتكنولوجيا 16 ميلمتر إلى تغيير الطريقة التي يمكن لصناع الأفلام من خلالها تصوير الواقع ورواية قصصهم لو تواجدت هذه القصص.فالفيديو أحدث تغيرا جذريا في تصوير الواقع،وكذا تقنيات “إيماكس”والبث المرئي عالي الوضوح مشهدا جديدا على الشاشات.وكذا التخيل الرقمي والإنترنت وتأجير الفيديو بالطلب عبر البريد ومسجلات الفيديو الرقمي وتلفزيون الإنترنت وأفلام الهواتف الذكية.ولكن التغييرات لم تقض على الفيلم الوثائقي الطويل،بل استثمرت تلك الأشكال بقيمة أعلى،وجعلت من الممكن تخيل هذا الفيلم على نطاق أوسع.