الثلاثاء , 26 نوفمبر 2024
الرئيسية » TV و سينما » فيلم Bird Box بين العودة إلى الرواية والاستفادة من جائحة كورونا

فيلم Bird Box بين العودة إلى الرواية والاستفادة من جائحة كورونا

عزيز ريانالمغرب

ورقة تقنية:

العنوان: Bird Box  

مدة الفيلم: 124 دقيقة

موسيقى: Trent Reznor و Atticus Ross

سيناريو:إريك هيزر عن رواية لجوش مالرمان التي صدرت بنفس العنوان عام 2014

تشخيص:سندرا بولوك في دور مالوري هايس،تروفنت روس في دور طوم،جون مالكوفيتش في دور دوغلاس،سارة بولسون في دور جيسيكا هايس….

إنتاج: دايلان كلارك،كريس مورغان،كلايطن طوينسد.

إخراج: سوزان بيير

ملخص الفيلم: بعد نهاية العالم يظهر مخلوقات(وحشية) تدفع من يراها إلى قتل نفسه،فنتابع البطلة مالوري هايس كيف ستتمكن من إنقاذ طفلين لتصل بهما إلى مكان آمن عبارة عن منزل رعاية العميان.

أثار فيلم  Bird Boxالكثير من الجدل )السينيفيلمي( الذي توزع بين المعجب والرافض،في إشارات نقدية لنظرة فنية معينة.

ومن بين أهم أسباب كتابتي عن الفيلم هو الإقبال المفاجئ عن الفيلم بمنصة نيتفلكس خلال فترة الحجر الصحي التي صاحبت جائحة كوفيد 19،إذ عاش العالم لحظات هلع جماعي خوفا من المجهول ويكافح للبقاء.كما أن موضوع الخوف من عدو مجهول سبب التفاعل الكبير إذ يمكن اعتباره درسا للصراع من أجل البقاء.ولعلي من هذه الفئة التي تابعته في هذه الفترة الحرجة التي تأثر بها العالم نفسيا وكل الشعوب تعاملت معها بطريقتها.

صُور الفيلم في مدة قصيرة( 7  أشهر)، حيث أغلب المشاهد في الفضاء الخارجي وبديكورات طبيعية.

الفيلم عرض في أمريكا يوم: 12 نوفمبر 2018،ووزع في العالم يوم 21 دجنبر 2018 .

العنوان:فسحة للتأويل

لا يشير بسهولة إلى موضوع الفيلم ويترك المجال للتأويل والتفكير في عدة احتمالات لمعناه. صندوق العصفور نفس عنوان الفيلم والرواية التي اقتبس منها لكاتبها جوش مالرمان.

قصة الفيلم وإن كانت مكررة،حيث دفعت المتلقي إلى التفاعل مع الموضوع،وانتظار النهاية.فيلم رعب عادي قد يفتقد إلى الإبداع.

البطلة التي تغيرت بعد انجاب الأطفال حيث كانت تكره الصغار وتفكر في ترك إبنها إلى التبني. أمومة جديدة دخلتها البطلة بغريزية. لم تكن أما اعتيادية محبة لأطفالها،بل تكره الانجاب.

استعملت المخرجة المزدادة عام 1960 بكوبنهاكن ،تقنيات متعددة بعضها على شكل “كليشيهات” تتكلم عن التمييز العنصري وموضوع الحمل ورفض الإنجاب،لجذب الجمهور هي طريقة لإقحام التشويق في تفاصيل الفيلم.

لكننا يمكن اعتباره فيلما عن رواية تطرق لتيمة الأمومة بشكل مغاير،وغير تقليدي.أمومة التي تثير الخوف وتستعدي عبور نهر قد يشير إلى مسار الأمومة الصعب.

أزمنة الفيلم تتمحور على مستوين: زمن حاضر،وزمن ماضي(فلاش باك).

البداية هي نقطة الضوء الأساس في الفيلم التي يمكن حصرها في 30 دقيقة،حيث تميزت بتسارع الأحداث المفاجئة وخصوصا بعد خروج البطلة ساندرا بولوك(مالوري هايس) وهي ترى تحولا صادما في العالم،حيث الانتحار الجماعي والقتل المتعمد للنفس دون أن نعرف السبب. مما ولد السؤال عن ما أصاب العالم.

والأكيد أن أداء الممثلين تميز بالبساطة إلا بقوة تشخيص البطلة ساندرا بولوك خصوصا التي ‘حملت’ وحدها الفيلم بما لها من تجربة وقوة. ودون أن نهمل أداء النجم جون مالكوفيتش الذي لامس بدوره الشرير والمنبه إلى استشرافات مستقبلية تحققت لاحقا. وهو دور يجيده في تجارب سابقة.

هو إذن،فيلم رعب يراعي كل شروط هذا النوع التقليدية وهي الاستهلال والدخول إلى نقطة عدم الرجوع،والحبكة المخيفة ونقطة التحول التي يسعى البطل إلى إنقاذ نفسه أو أشخاص آخرين والنهاية.لكنه رعب مختلف باعتبار دلالته البنيوية التي لعبت على الخوف بشكله الميتافيزيقي.

نهاية بالفيلم اثارت بعض التحفظات وخصوصا في يخص تغييرها عما هو مكتوب بالرواية الأصل،حيث اعتبر البعض أنها وسيلة للتخفيف من ثقل النهاية المفجعة في الرواية(وهي اضطرار  شخصيات الرواية إلى فقأ أعينهم للتخلص من هاجس رؤية المحهول المسبب في قتل الإنسانية،وبالتالي التفكير في نهاية مشبعة بالأمل والغد الأفضل وهي اللجوء إلى مؤسسة خاصة للعميان تمكن الناجون من الوصول إليها وبالتالي التفكير في أسماء للطفلين وتحول الأم إلى أم لا تكره أمومتها.

أحادية الصمت وفعاليته:

ولدت السينما بكماء لكنها لم تكن صامتة.انتظرت لكي تكون ناطقة فتعطي للصمت مغزى،ولكي يحول هذه الظاهرة السمعية إلى أعجوبة صوتية ذات معاني درامية وبنيوية.

بالنظر إلى غنى وسائل التعبير(صورة في حركة،نص مكتوب،كلام،موسيقى،ضجيج) يعتبر الفن السابع الوحيد إضافة إلى الموسيقى اللذان قدما الصمت.وعكس الفنون التشكيلية والتصوير الضوئي فالصمت يشار إليه بالنظر ويزعج بالرؤية. كما يؤكد الباحث السينمائي الفرنسي خوسي موري : في بحثه:’ الصمت في السينما.

فكلمة silence  -يؤكد كوري-مشتقة من الفعل اللاثيني silere  والذي استعمل كي يعبر عن غياب الضجيج والحركة.

الصمت يعبر عن فقدان شيء ما(البصر)هو صمت بنيوي وظف بشكل ذكي.

تيمة العمى :

التعريف المعروف للعمى هو عدم القدرة على رؤية أي شيء،حتى النور إذا كان العمى جزئي فتصبح الرؤية محدودة. لا ننسى الإشارة إلى الرواية المعروفة للكاتب البرتغالي جوزيه ساراماجو  المعنونة بالعمى.التيمة مستهلكة في أعمال سابقة.

الفيلم يقدم صورا بصرية تصبو للعمى كمنقذ أكبر.العميان عبر التاريخ تمكنوا من إدراك مبصرات عديدة لا يمكن لمسها بالحس. الصورة البصرية إذن تتمثل في استكشاف النسق النمطي الذي يفترض تميزها به، باعتباره نتاجا مختلفا لعالم المبصرين،وتعيد النظر في العديد من القضايا ذات الصلة بنظريات الخيال والإبداع. هي فرصة لعيش دور العمى للنجاة،لتصبح’العاهة’وسيلة للحياة،في ثنائية فلسفية رمزية بديعة. لنرى تدرج الصور عبر العناصر الحسية، والتداخلات الثقافية،و الأدوات الفنية من خلال لغة سينمائية تتنوع بين الطبيعة والمؤثرات الصوتية المصاحبة.

لنتكلم عن ما نسميه ب”شعرية العمى” وعلاقتها بالصور الفنية. فالصورة في الحقيقة شعر ترسم ما يقع في دهن المخرج المبدع. هو سؤال تتجدد ماهيته بتجدد المتلقي له ولا إجابة واحدة له. فالسينما تعتمد على الصورة كما الشعر التي تنبني على أسس تنطلق منها: المشهد الواقعي(ما قبل الصورة) والمشهد المرئي الفيلمي(متن الفيلم)،والمشهد الناتج( مابعد الفيلم) وهي صورة تتشكل من خلال مجموعة تقنيات بقيمة صناعة المشهد السينمائي لدى المتلقي عبر تشكيلات صورية وبصرية وبلاغية مصورة  من فنان مبدع بأفق أشد اتساعا وأعمق دلالة،للاقتراب من الروح والإبصار في ظلام هذه الحياة.

الصورة تمثل الكلمة باعتبار التقارب في الاقتباس الروائي لنميز الصورتين الروائية والسينمائية. فالأولى نقل لغوي لمعطيات واقعية،على شمل تقليد وتشكيل وتركيب وتنظيم في وحدة،لها ذات مظهر عقلي ووظيفة تمثيلية(ثرية،جمالية وحسية). الصورة الروائية ليست اعتباطية بل خاضعة لمنطق يتحكم بدقة في مظاهر ترابط المكونات.وبذلك تتشكل كأية صورة فنية عبر نسق مدروس  يتحول إلى كنه ونسخ وجودها،ويصير أي نقل أو تحوير أو فحص للصورة بعيدا عن نسق التشكل،هدرا لهذا الكنه.

أما الصورة الفيلمية التي يعتبرها المتخصصين فضاء تعبيري سمعي وبصري مركب تتقاطع فيه كل مستويات اللغة السينمائية:النص،الصوت،الحركة،الديكور،المونتاج،الموسيقى..)

أهم ما يميزها هو انفاردها بتحيين الحركة في المكان والزمان كما يكتب محمد غرافي في مجلة عالم الفكر بمقالته: قراءة في السيمولوجية البصرية(عدد 1 المجلد 31 يوليوز،شتنبر 2002أ.

الصورة السينمائية وسيلة استشراف لمستقبل أفضل لتكون هي السلطة،إذ أسست الصورة الفيلمية لسلطتها بتوثيق لحظات ضعف الإنسانية وضياعها. هي صورة فنية عبارة عن وسيلة بصرية تخترق كل الفواصل وبمختلف أشكالها وتعبيراتها تؤسس للغة بصرية أثرت فينا وتأثرت بما حولنا لتتحول الصورة لسلطتنا أي نافذتنا عن العالم وتمثل تجربتنا الداخلية خلال ما تعيشه شخصيات الفيلم فتتمثل وتؤثر ككاشف واقعي ومخفي.

ختاما، استفاد صناع الفيلم من ظهور فيروس حقيقي بالعالم لدفع المتلقيين إلى مشاهدته بالبيت وهم يقومون بإسقاطات محينة عليهم ويبث فيهم في الختام جرعات أمل وقوة وحياة وطريقة للعيش.نفسية المتلقي في ظل ظروف صعبة بكل العالم أعطت نظرة مغايرة للفيلم وتمكن من تحقيق أرقام قياسية في المشاهدة على منصة نيتفليكس. فالفن والثقافة في ظل هذا الحصار أو العزل البشري الصحي أظهر أنهما الحل الأمثل للخروج من التخبط  النفسي الذي عاشته المجتمعات.

عزيز ريان

المغرب 2020

شاهد أيضاً

تنظيم الدورة التكوينية لشبيبة الأندية السينمائية بطنجة من 20 إلى 23 نونبر الجاري

تنعقد في الفترة من 20 إلى 23 نونبر الجاري بطنجة دورة تكوينية لشباب نوادي السينما …