في إطار أنشطتها الثقافية و الفنية، تنظم جمعية ” إبداع وتواصل” بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الدورة الرابعة للتظاهرة الإبداعية ” نظرات نسائية بشراكة مع مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء وجماعة الدار البيضاء والمدرسة العليا للفنون الجميلة بالدارالبيضاء” ، وذلك من 16 إلى 31 مارس الجاري برواق مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء.
فبرنامج هذه الدورة الرابعة غني ومتنوع ، سيفتتح بمعرض نسائي جماعي برواق مؤسسة مسجد الحسن الثاني تشارك فيه فنانات من مختلف المدن المغربية وكذا فنانات من اسبانيا وبعض الدول الصديقة والشقيقة . المعرض أيضا تكريم لثمان فعاليات نسائية يمثلن مختلف القطاعات الابداعية ـ الأدب ، المسرح ، السينما ، الموسيقى ،الفن التشكيلي ، والعمل الجمعوي. الشعر حاضر بقوة في البرنامج من خلال قراءات شعرية موازية خلال حفل الافتتاح يشارك فيها : عز الدين الادريسي ، فاطمة بصور ، غيثة بنجلون ولبنى منوزي . من فقرات هذا البرنامج حضور السينما من خلال دائرة ” السينما والتشكيل ” ، حيث سيعرض شريط روائي حول مسار الفنانة التشكيلية فريدا كاهلو ، من اخراج جولي تايمور وسلمى حايك والفريد مولينا ، وذلك بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء ، ملحقة بن مسيك . ثم سيكون الجمهور مع عرض شريط تلفزي حول مسار الفنانة الفرنسية بيرث موريزو، من اخراج كارولين شومبتيي ، بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء . هناك أيضا لقاء مفتوح مع الفنانة التشكيلية مليكة أكزناي حول مسارها الابداعي.
ويختتم برنامج الدورة بلقاء مفتوحا لدكتور محمد سعدي بنكيران ( أول طبيب مختص في العلاج والطاقة باللون بالمغرب ) حول موضوع : ” الاستشفاء باللون”.
.
يتواصل رهان الاستمرارية احتفاء بإبداع المرأة واقعا متخيلا. احتفاء خصيب يثري مسارات الفكر والفن بكل أشكاله الأسلوبية وصيغه التعبيرية.إن الجمعية واعية تمام الوعي بأن الإبداع بصيغة المؤنث متجذر في تربة الكيان الإنساني الجماعي، ومفتوح على ذاكرة الآفاق التي تقر بالحق في المستقبل والحلم.عندما نقول الإبداع “النسائي” الذي نحتفي معا ببعض رموزه التشكيلية وأصواته الإبداعية الأخرى، فإننا نقول الحضور في الحضور لا الحضور في الغياب. أليس الإبداع حضورا نصيا وبصريا يؤجل الموت / الغياب.هاهنا، تكمن ثقافة استضافة مسافات فكرية وجمالية خلاقة يرصدها المعرض الجماعي ، ويفصح عنها تكريم لثمانية وجوه راسخة في بيت الإبداع، تقديرا لرصيدهن من حيث السخاء والتجديد ونكران الذات.
لابد من التذكير بأن هذه الدورة الجديدة تؤسس، إبداعيا، لفضيلة الاعتراف والامتنان إزاء تجارب ارتقت بمنجزها الفني إلى منطقة السمو والتفرد بعيدا عن كل اجترار واستنساخ واتباع. لقد أسس الإبداع بصيغة المؤنث مفهوما جديدا للأثر، أي لفكرة الحضور في الحياة في ظل الاختلاف والتنوع، مع مقاومة الهشاشة التي تسكن الكائن الإنساني المعاصر داخل عالم منذور للتلاشي والمحو. تملك كل الفعاليات النسائية اللواتي بصمن على هذه الدورة الجديدة مشروعا جماليا مهيبا يواجه الكراهية بالحب، والحرب بالسلام، والموت بالحياة بوصفها كنزا ناقصا بتعبير الشاعر طرفة بن العبد. فقد روضن حواسهن وسجيتهن على التجريب والتجديد. فتحية باسم كل أعضاء جمعية ” إبداع وتواصل” لكل المساهمات في إشعاع هذه الدورة. تحية أيضا إلى مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء التي احتضنت هذا المشروع الثقافي والفني منذ دورته الأولى، إلى جانب عدة شركاء مؤسساتيين يتقاسمون مع أعضاء الجمعية هاجس التنمية الفنية المستدامة والمندمجة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
إن أعضاء الجمعية مقتنعون بأن الإبداع التشكيلي بكل أجناسه لعب دورا رئيسا في تقدم الشرط النسائي وذلك بفضل نساء تشكيليات استثمرن الفن بصيغة الجمع للمساهمة في ترسيخ القيم النبيلة. ألم يقل الأديب أندري جيد : “الطبيعة والمرأة سيان، المرأة تحتوي على الكل، أو الكل لا يحتوي إلا عليها”.الدورة مهداة إلى هذا الإبداع الاستثنائي الذي أضاف إسهاما بالغا في تاريخ فن الهنا والهناك. فعلى أجيال الفنانات نراهن لتثمين النساء التشكيليات بالروح المشهود لهم بالإبداعات الأصيلة.
إن نقاد الفن يحيون بالإجماع الفن المعد والمنجز من لدن النساء التشكيليات: العمق، الصرامة في المنهج، الألوان “الشعرية”، والحس الإبداعي. تمكن هذا الفن المنفرد من كسب عدد من المعجبين الذين أكدوا على القيم الآتية: الحرية، التلقائية، الانفتاح، والتقاسم، وليس فقط العزلة داخل المحترف أو التمرين الفكري. يتعلق الأمر بفن تفاعلي يبحث بحميمية لفهم طبيعتنا الأولى المنذورة للانفعالات الإنسانية.
تكشف هذه الدورة الجديدة المائزة من خلال إبداعات الفنانات المشاركات عن جغرافيات يتقاطع نسبها المرجعي ومنجزها البصري، وتتشرف بالانتساب المشروع إلى الإبداع التشكيلي بما هو خصوصية واختلاف لا تنميط ووحدة.الاحتفاء بالإبداع بصيغة المؤنث معادل موضوعي للاحتفاء بسؤال الكينونة والوجود، سؤال ماهية الحياة والتعالق. إننا في حضرة سياق فني لإنتاج الدهشة والتأمل. أليس الإبداع التشكيلي في هويته وركامه الباذخ انفتاحا واختلافا؟
إن الدورة الرابعة مناسبة أثيرة لتجديد ثقتنا بمستقبل المبدعات بالنظر إلى تجاربهن البلورية خارج كل نزوع نرجسي أو ادعاء مرضي. فهي أرضية تشاركية مع مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء والمدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء االلتين تفاعلتا معنا، بشغف وتبصر، على هذه الرقعة التشكيلية القادمة من الحلم والمستقبل، والمنتسبة إلى نهر الإبداع البصري الذي يجدد مجراه باستمرار. حقا لكل فنانة تشكيلية صوتها ورؤيتها الجمالية والفكرية معا، وهذا ما تحرص جمعية “إبداع وتواصل” على صون مكتسبه وتثمينه بناء على ما يقتضيه الوعي البصري من حلقات متواصلة عبر المتابعة والمواكبة والتلقي كواجب تاريخي ومسؤولية ثقافية. أليست قارات الإبداع عنوانا بارزا على حسن الجوار؟ أليست كل فنانة تشكيلية مدونة حياة، هي حياتها وحياة مجتمعنا الإنساني؟