افتتحت المسرحية الإيطالية “شهرزاد.. ألف ليلة وليلة”، مساء أمس الثلاثاء، عروض الدورة 29 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، والتي قدمتها فرقة ” الباليه الصغير لميلانو”.
والعرض، الذي يستلهم موروثا حكواتيا إنسانيا، والذي صممته الفرقة خصيصا للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء المنظم من طرف كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك إلى غاية التاسع من الشهر الجاري تحت شعار ” “الحركة: خاصية المسرح المعاصر”، يستحضر دهاء المرأة وقدرتها على الانتصار لنفسها، ويعلي من سلطة الجسد والحكي، في لوحة أعادت الجمهور إلى العوالم المتداخلة لقصص ممتدة عبر الزمان والمكان .
فالمسرحية، التي استغرقت مدة عرضها تسعين دقيقة، استعادت مروية شهرزاد، التي استطاعت أن تفلت من الموت بفضل حكاياتها اللامتناهية التي فتنت السلطان شهريار، والذي كان في كل ليلة ينتظر نهاية لحكاياتها، إلى أن يبزغ فجر جديد تبدأ معه صفحة جديدة من حياة شهرزاد، محتفية بالجسد كتيمة محورية تتناغم والشعار الذي رفعه المهرجان لدورة هذه السنة.
وفي هذا الصدد، أوضح رئيس المهرجان وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك السيد عبد القادر كنكاي، أن اختيار هذا العرض ليكون في افتتاح المهرجان هو احتفاء بمدرسة عريقة في المسرح العالمي من خلال اختيار إيطاليا كضيفة شرف لهذه الدورة، وذلك تقديرا لعمق وعراقة علاقات الصداقة التي تجمع هذا البلد الأوروبي بالمغرب.
واعتبر، في تصريح بالمناسبة لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش حفل الافتتاح، أن الحضور القوي لتيمة الحركة في علاقتها بالجسد على منصة العرض، يعكس الأهمية التي بات يحظى بها هذا المكون ضمن البناء المسرحي، مشيرا إلى أن عنصر “الحركة” أصبح خاصية محورية للمدارس المسرحية المعاصرة التي صارت تعتمد بشكل أساسي على حركية الجسد، مستغنية، في غالب الأحيان، عن النص.
ومن جانبه، أبرز المدير الفني للمهرجان السيد عبد الفتاح الديوري، في تصريح مماثل، أن المهرجان كرس في هذه الدورة نهجه في الانفتاح على تجارب مسرحية عالمية رائدة، انسجاما مع أهدافه المتمثلة في تجميع الشباب من مختلف قارات العالم، وتكوينهم في مجال الإبداع المسرحي ضمن ورشات متخصصة، وعقد شراكات يمكنها أن تضمن استمرارية هذه المبادرة التي تراهن على المواهب الشابة لبناء وابتكار أشكال مسرحية جديدة تضمن لهذا الفن تنوعه وحضوره الدائم.
وأشار إلى أن هذا الفضاء، ومن خلال برنامج عروض يعكس مختلف اتجاهات المسرح العالمي، واستقباله لما يزيد عن 250 طالبة وطالبا تمثل عدة دول وجامعات شقيقة وصديقة من العالم، يطمح إلى أن يجمع بين التكوين والتواصل والفرجة، بشكل يتماهى مع تطلعات المتلقي المبدع والطالب والمتلقي الناقد والدارس والباحث.
فيما أبرز رئيس جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء السيد إدريس المنصوري أن هذا المهرجان، ومع توالي الدورات، أصبح موعدا ثقافيا يجذب إليه فرقا تمثل الجهات الأربع للعالم، مضيفا أنه بفضل إشعاعه الذي تخطى حدود المغرب، جعل من مدينة الدار البيضاء ملتقى لجنسيات متنوعة، وقبلة لزوار من بلدان عدة، وهو ما سيساهم في تعزيز موقع المغرب، كبلد للقاء والتسامح والانفتاح، وبلد للإبداع والفنون.
وقال إن الأهمية التي يكتسيها هذا الحدث الثقافي والفني دفعت المنظمين إلى التفكير في الانفتاح خلال الدورة المقبلة على جهة الدار البيضاء- سطات، ليصبح مهرجانا للجهة بكاملها، و يسهم بالتالي في تنشيط هذه الجهة على المستويين الثقافي والفني.
ويعرف المهرجان مشاركة فرق مسرحية جامعية من إيطاليا، ضيفة شرف المهرجان، وكوريا الجنوبية وروسيا والمكسيك وألمانيا وفرنسا ومصر والجزائر وتونس وفلسطين إلى جانب المغرب.
وإضافة إلى العروض المسرحية، سيتم تنظيم ورشات تكوينية تهم “تدريب الممثل” و”اشتغال الجسد فوق الخشبة” و”الجسد بين التمسرح والفضاء الإبداعي” و”الفن الدرامي بين الإبداع والإخراج” و”تقنيات تحريك الدمى وتوظيفها” و”الرقص الدرامي” و”تقنيات الدفاع عن النفس في خدمة المسرح”، وسيؤطرها فنانون وجامعيون ومبدعون من كندا وفرنسا ولبنان وتونس وألمانيا وإيطاليا والمكسيك والمغرب.