تم أمس الثلاثاء بفاس عرض الفيلم الوثائقي ” تندوف…قصة مكلومين ” لمخرجه ربيع الجوهري الذي يعد أول عمل سينمائي من النوع الوثائقي يتطرق لقصة الأسرى المغاربة المحتجزين في مخيمات تندوف وذلك بحضور نخبة من المفكرين والباحثين والفاعلين المحليين في الحقل الثقافي والجمعوي الحقوقي.
ويسلط هذا الفيلم الوثائقي الذي تم عرضه خلال اليوم الأخير من المؤتمر الدولي حول ” السينما وقضية الصحراء المغربية ” الذي نظمته جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس بشراكة وتعاون مع عدة جهات، الضوء على الجانب الانساني المغيب في ظروف اعتقال الأسرى المغاربة بمخيمات العار بتندوف .
ويعد هذا الفيلم الوثائقي ( 90 دقيقة ) الذي سبق أن عرض بمجموعة من الدول الأوربية وكذا بعدة مدن مغربية، شهادة دالة عن المأساة الإنسانية التي تجرعها مجموعة من المواطنين المغاربة المدنيين الذين قادتهم الأقدار ليسقطوا في أيادي جلادي البوليساريو ويتم احتجازهم في ظروف مهينة وغير إنسانية وذلك من خلال شهادات حية للمحتجز السابق عبد الله لماني الذي قضى في جحيم المخيمات 23 سنة من الاحتجاز إلى جانب أشخاص آخرين تعرضوا لأبشع أنواع القهر والبطش وعانوا أصنافا شتى من التنكيل دون أن ينال ذلك من وطنيتهم وعزيمتهم . ويعكس فيلم ” تندوف…قصة مكلومين ” الذي يعتبر بحق شهادة ناطقة تفند كل المغالطات وتدحض زيف ادعاءات البوليساريو، مآسي المحتجزين بمخيمات العار وما عانوه من قهر وتنكيل من قبل شرذمة من الطغاة الذين لا ترف جفونهم لأنين الأسرى ولصراخهم أو استعطافهم كما لا يعنيهم وخز الضمير ولا حتى المواثيق والمعاهدات الدولية التي تعنى بقضايا الحرية وحقوق الإنسان .
وتحدث المحتجز السابق عبد الله لماني خلال المناقشة التي أعقبت عرض هذا الشريط، عن المعاناة التي كابدها رفقة مجموعة من المغاربة طوال مدة احتجازهم بمخيمات تندوف كما استعرض الفظاعات التي مارسها جلادو البوليساريو في حقهم من خلال امتهان كرامتهم وممارسة أبشع أنواع التنكيل والبطش على ضحايا عزل لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا أنفسهم بين أيدي أشخاص مجردين من الإنسانية ديدنهم التعذيب والقسوة والتنكيل.
وأكد عبد الله لماني، الذي تم اختطافه رفقة صديقه قرب مدينة طاطا، أنه أمضى 23 سنة محتجزا بمخيمات تندوف، تعرض خلالها لمختلف أنواع التعذيب وفرض عليه إلى جانب باقي المحتجزين القيام بأعمال شاقة في ظل مناخ قاسي وتحت سياط الجلادين والشمس الحارقة، كما كشف بعض الفظاعات التي مارسها جلادو البوليساريو في حقهم دون اعتبار لا للقوانين والمواثيق الدولية ولا لما تفرضه الإنسانية ومبادئ حقوق الإنسان .
وعرف المؤتمر الدولي حول ” السينما وقضية الصحراء المغربية ” الذي نظمه ” مختبر الخطاب والإبداع والمجتمع ” التابع لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس تحت شعار ” دور البعد الأكاديمي في تقديمه لقضية الصحراء وطريقة تفكيك دعاية الإعلام الإيديولوجي ” تقديم مجموعة من العروض والمداخلات من بينها ” الأفلام السينمائية والوثائقية في المعالجات والنزاعات السياسية وحقوق الإنسان في شمال إفريقيا .. العوائق والإنجازات .. الصحراء المغربية نموذجا ” و ” مغربية الصحراء بين الإثبات التاريخي والدور الإعلامي ” و ” الصحراء المغربية في الإعلام من قضية حقيقة إلى قضية قوة ” .
وتميز هذا الملتقى الدولي الذي حضره باحثون وأكاديميون وفاعلون في مجالات الثقافة والفكر وحقوق الإنسان إلى جانب فنانين ومبدعين وممثلي هيئات ومكونات المجتمع المدني بتقديم كتاب ” مغربية الصحراء .. حقائق وأوهام حول النزاع ” الذي أعدته وزارة الاتصال، ويسرد 11 وهما غلفت طبيعة النزاع المزمن حول الصحراء المغربية .
كما تضمن برنامج المؤتمر الذي استمر يومين عرض مجموعة من الأفلام الوثائقية التي تتخذ من قضية الصحراء المغربية موضوعا لها، أعقبه نقاش واسع حول التيمات المحورية لهذه الأفلام بمشاركة مخرجين وفنانين ومهتمين .