وقع اختيار إدارة مهرجان سلا الدولي المتخصص في فيلم المرأة ، في فقرته التكريمية ، على إسمين بارزين في مجال التشخيص السينمائي والتلفزيوني . يتعلق الأمر بالممثلتين المصرية سلوى خطاب والمغربية نادية نيازي ، الفنية تنشر بورتريه للأخيرة كتبه احمد سيجلماسي
ويختزل فيه جانبا من مسيرتها الفنية في السينما والتلفزيون :
ظلت الفنانة الرقيقة نادية نيازي بعيدة عن الأضواء رغم علو كعبها في التشخيص السينمائي والتلفزيوني ، مفضلة إشباع رغبتها في تقمص الأدوار المختلفة في الظل ، مبتعدة بتعفف المتواضعين الكبار عن البهرجة الزائفة التي عادة ما ترافق أشباه الممثلات والممثلين .
وكلما شاهدتها في فيلم سينمائي أو عمل تلفزيوني جديد إلا وزاد إيماني بكونها ممثلة موهوبة وأصيلة لم تعطاها بعد الفرص الكافية لإظهار قدراتها التشخيصية الدفينة والهائلة.
كانت نادية نيازي ، الهادئة والصبورة بطبعها ، جد مقنعة في أدائها لدور الأم في أول أفلام المخرج الشاب يونس الركاب الروائية الطويلة ” الأوراق الميتة ” (2014) ، كما كانت تلقائية في ظهورها العابر في فيلمي المخرج الشاب هشام العسري ” هم الكلاب ” (2013) ، إلى جانب الممثل القدير حسن باديدة ، و ” النهاية ” (2011) ، إلى جانب الممثل الكبير إسماعيل أبو القناطر المقيم بالديار الأمريكية.
وفي أفلامها السينمائية الأخرى ك ” عاشقة من الريف ” لنرجس النجار ، الذي حصلت عن مشاركتها فيه على جائزة ثاني دور نسائي في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة سنة 2012، و ” براق ” لمحمد مفتكر و ” سنوات المنفى ” و ” ثابت أو غير ثابت ” و ” شوف الملك في القمر ” لنبيل لحلو و ” ملائكة الشيطان ” لأحمد بولان و ” خونة ” لشون غوليت و ” ملكة الصحراء ” للمخرج الألماني ورنر هرزوغ و ” محطة الملائكة ” لمحمد مفتكر وهشام العسري ونرجس النجار وغيرها ، كان حضورها قويا أمام الكاميرا ، بغض النظر عن طول أو قصر مدة هذا الحضور في زمن الفيلم . إن هذا الحضور القوي يتجلى في قدرتها على التأثير في المتلقي بنظراتها وقسمات وجهها وحركاتها وكلامها ، وإقناعه بأدائها الجيد للشخصية التي تتقمصها في الفيلم .
نادية نيازي من فصيلة الممثلات القديرات والمبهرات بأدائن العفوي كعائشة ماهماه وراوية (فاطمة هراندي) وغيرهما ، وهذا ليس غريبا لأنها عشقت فن التشخيص ومارسته في إطار المسرح الجامعي عندما كانت طالبة بشعبة اللغة الأنجليزية بالرباط . ويظهر من مكونات فيلموغرافيتها السينمائية أنها تنتقي أدوارها بعناية وذلك لأن جل المخرجين الذين اشتغلت معهم لحد الآن لهم مكانتهم المحترمة في حظيرة الإبداع السينمائي المغربي والعالمي .
لم يقتصر حضور هذه الممثلة الموهوبة على السينما فقط بل انفتحت على التلفزيون المغربي والأجنبي من خلال مشاركتها في مجموعة من الأعمال من قبيل فيلم ” فاميلة جنب الحيط ” لهشام العسري وسلسلات ” أحلام نسيم ” لعلي الطاهري و ” نشركوا الطعام ” لنرجس النجار و ” كابول كيتشن ” للتلفزيون النرويجي و” أويلي ومرحبا ” لنرجس النجار… وسيتكومات ” كول سانتر ” لنرجس النجار وهشام العسري و ” ياك حنا جيران ” لإدريس الروخ …
ومن الأعمال السينمائية التي انتهت من تصويرها مؤخرا نذكر الفيلمين القصيرين : ” ملاذ ” للمخرج الفاسي الشاب إبراهيم الإدريسي (2014) ، من بطولتها إلى جانب الممثل القدير عز العرب الكغاط و ” l’esclave du mâle” لمحسن نضيفي (2015) ، والأفلام الطويلة ” إرهاب ” للمخرج هشام عين الحياة ، الذي شارك إلى جانبها في تشخيص أدواره إسماعيل أبو القناطر وعمر لطفي وآخرين ، و ” صورة مجسمة للملك ” من إخراج الألماني توم تيكفر وبطولة الأمريكي طوم هانكس ومشاركة مجموعة من الممثلين المغاربة … بالإضافة إلى السلسلة التلفزيونية الأمريكية Tyrant…
إن تكريم الممثلة المتميزة نادية نيازي في حفل افتتاح الدورة التاسعة لمهرجان سلا الدولي لفيلم المرأة مساء الإثنين 28 شتنبر الجاري ، عن مجمل أعمالها ، بعد تكريمها يوم 13 مارس 2015 بالملتقى الثالث لسينما الهامش بجرسيف ، هو بمثابة تكريم لفنانات مقتدرات يعملن بصمت في الظل بعيدا عن الأضواء الحارقة ، فتحية صادقة لها بمناسبة هذا التكريم المستحق الجديد ولزوجها ومستشارها الفني المبدع يونس ميكري .
أحمد سيجلماسي