عبدالحق ميفراني
قدمت فرقة أدوار للمسرح الحر بكلميم، الأحد 12 أبريل، بدار الثقافة بتزنيت وأمام لجنة الدعم المسرحي، عرضها المسرحي باللغة الحسانية “كدور الذهب” إعداد وإخراج الفنان المسرحي عبداللطيف الصافي. العرض الأول أمام اللجنة قدم فرقة أدوار للمسرح الحر في تجربة ثانية بعدما نال عرضها المسرحي “الريح” السنة الماضية ثقة لجنة الدعم، وهو العرض الذي قدم لنا وجوه فنية شابة استفادت من تجربة التكوين المسرحي بكلميم. نفس الوجوه استطاعت أن تحظى بثقة المسرحي عبداللطيف الصافي، يوسف ارزامة وأيوب بوشان ومصطفى أكادر وانضافت الفنانة علية طوير في دور الأم الى المجموعة، لتقدم نسيجا متكاملا في الأداء المسرحي. الأب والأم في مواجهة ابنيهما اللذين يحلمان بالوصول الى الذهب، ذاك الحلم المستحيل الذي حكته الأم وصدقته وصدقه الأبناء. وسط سينوغرافيا يغلب عليها طابع صحراوي وديكور متحرك لخيمة وألبسة صحراوية بامتياز ولغة حسانية وإطارات جدارية تؤشر على كثبان، خلفية صفراء تضاف الى اصفرار الأفق الذي يلف الأسرة التائهة بين البحث عن الذهب والبحث عن الخلاص.
في مسرحية “كدور الذهب” تنطلق الدعوة الى الفرجة منذ البداية، وهو ترحاب خارج سياق “الدرامي” يحيلنا الى نمط مختلف للفرجة المسرحية التي اقترحتها فرقة أدوار. ففي البداية وفي ظل حوار بين الأم والأب نستعيد جزءا من تاريخ آسن للصحراء، لنكتشف سلطة المكان وسحره وعمقه في جذور ويوتوبيا الرمال الممتدة عبر الأفق. وفي المحكي الشفوي عند الأم، وفي حلمها يتحول مآل الأبناء الى جنون بالامتلاك والتملك ل”كدور الذهب” المفقودة، ولا ندري هنا هل في الحلم أم في يقظة الأولاد ونشدانهم الخلاص من “سلطة المكان”. يبدو إيقاع العرض بطيئا نسبيا يبتعد عن إضفاء شحنة صراع مجاني، وساهمت الإنارة في خلق جو خاص وإحساس بالفضاء المسرحي يتجاوز أحيانا الخشبة. إنارة أقرب الى بريق الذهب المفقود والأقرب هو أيضا الى لون الرمال وهوية الصحراء، ذاك الجسد الخلفي في البحث. وفي رحلة البحث للأولاد نعيد اكتشاف جزء من علاقة جيل بالمكان، ليتجدد نفس السؤال: عن مصير الإنسان القدري والحتمي حينما لا يختار في اللحظة التاريخية المناسبة.
تناسقت سينوغرافيا صفاء العلالي وديكور الفنانة حفيظة بوزكية وإنارة ابراهيم عجاج وموسيقى خالد سكومي مع إدارة الخشبة الجيد لكل من حسن لحمادي وشفيق طويلي واللذين سهرا معا على جعل ظروف الحركة متاحة بسلاسة مع ترديد تلك اللازمة الحسانية الموسيقية التي تذكرنا بمآل القدر، وحضور الفنان عبدالعزيز نافع ساهم في تنفيذ الفنان عبداللطيف الصافي جزء من تصوره الإخراجي في العرض الأول. ويبدو أن مسرحية “كدور الذهب” تدين بالشيء الكثير لهذا الطاقم الشاب والمتكون من علية طوير (الأم)، ويوسف ارزامة (الأب)، ومصطفى أكادر وأيوب بوشان (الأبناء) في أداء لاقى استحسان الحضور بدار الثقافة بتزنيت. أداء نسج جزء من تفاصيل “مسرح” آخر بدأ يتشكل اليوم في أقاليمنا الجنوبية، لا يمكن نعته بتسمية بقدر ما يشكل إغناء للمسرح المغربي اليوم وحاجته الى نفس جديد، ولعل في “كدور” الصحراء “ذهب” يغني المستقبل.