صدر حديثا للناقد السينمائي المغربي خليل الدمون عن “منشورات سليكي أخوين” بطنجة كتاب بعنوان “أشلاء نقدية”، يتضمن مجموعة رؤى ومقاربات لقضايا سينمائية متنوعة، تمت صياغتها في سياقات تاريخية مختلفة.
يضم الكتاب بين دفتيه مجموعة مقالات كتبها المؤلف في فترة زمنية ممتدة من 1985 الى 2014، حول قضايا في النقد والفيلم المغربي والسينما إجمالا، وهي فترة تعكس تطورات كمية ونوعية هامة في مسار السينما المغربية، إنتاجا ورؤية وسياسة عمومية ونقدا كذلك.
بهذا المعنى يشكل كتاب الدمون (228 صفحة) الذي صمم غلافه الفنان أحمد فرج الروماني، ذاكرة مزدوجة، تضمر سيرة فكرية نقدية للمؤلف، في قصة اشتباكه مع السؤال السينمائي بالمغرب، كإنتاج فيلمي، وسياسة ثقافية وكفضاء للممارسة النقدية، وهو بالموازاة مع ذلك شهادة على تطور أسئلة وشجون الفن السينمائي وبؤر الجدل حول هوية السينما ومستقبلها في المغرب، على مدى زهاء ثلاثة عقود.
عبر ثلاث محاور كبرى، رتب الدمون، الذي يرأس الجمعية المغربية لنقاد السينما، هذه المقالات لتصب في تشخيص “قضايا السينما في المغرب”، أولا و طرح مجموعة “قضايا نقدية” ثانيا ثم توسيع نطاق الرؤية ليشمل السؤال “قضايا السينما العربية” ليختم أخيرا ب “قراءات” في نماذج من الأفلام المغربية والأجنبية.
بتعاقب هذه الرؤى والمقاربات في الزمن السينمائي المغربي، يعكس الكتاب تفاوتا في أنماط الخطاب الذي يكتسي أحيانا طابعا سجاليا بشأن قضايا عامة في المشهد الوطني، وتارة أخرى طابعا نقديا معتدا بالآليات والمفاهيم، بينما يتخذ سمة تحليلية مقارنة لدى تشخيص التطورات التي عرفها الانتاج السينمائي في مراحل معينة، بالاعتماد على قراءة في الأرقام والجداول واستشراف ما بعدها.
والحال أن هذا البعد التحليلي والنقدي لا يحول دون استجلاء قراءات عاشقة عبرت عن نفسها أساسا في قائمة الأفلام المغربية والعالمية التي تناولها خليل الدمون: “الشركي” لمومن السميحي، و “ذاكرة معتقلة” للجيلالي فرحاتي و “الحال” لأحمد المعنوني و”القربان” لأندري طاركوفسكي وأفلام يوسف شاهين.
من الملفت أن معظم مقالات الكاتب تحتفظ براهنيتها في خضم النقاش حول الفيلم المغربي ومستقبل السينما في المملكة. ولعل هذه الخاصية تنبع من تركيز اهتمام الناقد على أبعاد بنيوية في صناعة السينما، بأعطاب ومعوقات عنيدة ممتدة التأثير في الزمن. ويبدو ذلك في مقاربته لاشكالية الدعم السينمائي والمهرجان الوطني للسينما ومرحلة ما بعد المناظرة الوطنية للسينما، وأدوار النوادي السينمائية والعلاقة بين السينما والرواية ووضعية النقد السينمائي بالمغرب وغيرها.
يذكر أن خليل الدمون يتولى مهمة مدير المجلة المغربية للأبحاث السينمائية، وهو كاتب عام سابق للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب ومدير لمجلة “سين” قبل توقفها عام 2009.