تم مساء أمس الجمعة الماضي في إطار فعاليات الدورة ال11 لمهرجان الاندلسيات ، التي تحتضنها مدينة الصويرة ، تقديم مقطوعة موسيقية نادرة من التراث الاندلسي القديم تدعى ” القدام الجديد الصويري ” أداها مجموعة من الموسيقيين الصويريين .
وقد استمتع الجمهور خلال الأمسية الثانية من هذه التظاهرة المنظمة ما بين 30 اكتوبر و2 نونبر الجاري بهذه المقطوعة الموسيقية الأسطورية التي يعود تاريخها الى القرن التاسع عشر عندما تم أداؤها ، أمام السلطان مولاي عبد الرحمان سنة 1832 خلال استقباله لوفد فرنسي بقصره بمكناس ، من طرف جوق جاء من الصويرة يتكون من يهود ومسلمين ، والذي كان يعتبر أحسن جوق بالمغرب .
وساهم في إحياء هذا الارث الموسيقي الذي دون بسجلات الموسيقى الأندلسية، مجموعة من الشباب الباحثين والموسيقيين الصويريون، برئاسة عبد الصمد اعمارة، مدير المعهد الموسيقي بالصويرة، حيث تمكن هؤلاء الشباب بعد شهور من الاشتغال، من ترتيب ونقل تقاسيم وكلمات وتلحين المقطوعة الموسيقية معتمدين في ذلك على وثيقة قديمة لعازف عود كانت في حالة سيئة وشرعوا في لملمة نوتاتها وإعادة تدوينها .
وشكلت أمسية أمس الجمعة لحظة هامة جرى خلالها إحياء عمل بالغ الأهمية توج بأدائه بجدارة جوق معهد الصويرة بقيادة عبد الصمد اعمارة وبمشاركة الشيخ عبد الغني الكتاني، وهو من بين الاساتذة القلائل الذين درسوا ” القدام الجديد ” ، والمنشد الصويري الشاب هشام دينار .
واعتبر الشيخ عبد الغني الكتاني أن ” القدام الجديد ” يشكل باقة من الزهور المتنوعة ، كل زهرة تختلف عن الأخرى ، وسرها يكمن في الانتقالات بين بعض الصنائع الى نغم آخر دون المس بجوهرها الفني ، كما لو أنك تركب سيارة يقودها سائق متمرس.
وقال في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن ” المنشد الذي يريد أن يؤدي هذا الميزان ، يجب أن يكون ملما باللغة العربية العربية ، ويحسن الانتقال من موضوع لآخر ، فالقدام الجديد متواصل ومتصل ويوصل المنشد بالمستمع، وهذه غاية الفن” .
وبعد أن ذكر بالماضي المجيد للموسيقى الأندلسية في الصويرة ، أبرز أن القدام الجديد كان يحفظه المادحون بالزوايا الموجودة بالصويرة منهم أبي مولاي الماحي الكتاني والراحل بوجمعة وبنمكدول وعبد الرحمان بويا وغيرهم.
وأضاف أن الصويرة كانت تتوفر على جوق للطرب الأندلسي يضم موسيقيين كبارا تركوا بصماتهم في هذا الفن وعلموا أجيالا في عدة مناطق بالمغرب.
وأبرز أن ” القدام الجديد” بني على أسس علمية لا غبار عليها. و قد دخل عليه بعض التحريف بسبب شيء من خلل اعترى تلقينه ، خاصة على مستوى الأشعار إلى أن قام بعض العارفين بإصلاحه لتدارك هذا الأمر.
وشكلت أمسية مساء أمس الجمعة مناسبة للجمهور لقضاء لحظات موسيقية متميزة أبدع في آدائها الفنان جلال الشقارة وسناء مرحتي بمشاركة جوق تطوان برئاسة محمد أمين الأكرمي