:
“ينابيع “هو عنوان العمل الموسيقي الجديد الذي أصدره الفنان وعازف العود المغربي عبد الحق تكروين .
لحظات موسيقية ساحرة عاشها جمهور مسرح سيدي بليوط بالدار البيضاء ليلة قدم “تكروين” عمله الموسيقي ضمن المهرجان الدولي للقيثارة موزاييك، مزيج موسيقي بروح عالية يجاري كل موسيقات العالم ويحتفي بالموسيقى ولا شئ غير الموسيقى …ذلك هو عنوان عمل “عبد الحق تكروين” العازف المهووس بآلة العود بكل حمولاتها التاريخية
ينابيع ” تجربتك الجديدة التي قدمتها في إطار المهرجان الدولي للقيثارة موزاييك بالدار البيضاء ,,ما جديد هذه التجربة وهل تمشي في نفس النفس الذي مشت فيه تجاربك الأولى
يعني نريد أن نفهم المختلف فيها ؟
ج 1 )-المختلف في ذلك هو أن عملي هذا موسيقي و ليس غنائي مما يعطي إمكانية لإبراز بعض الأفكار في التلحين ياخد فيها العود مساحة كبرى للتعبير حيث حضور العود و الباص وإثنين من عازفي إيقاع، كما ان العمل هذا مكتوب في نفس الوقت موسيقيا ليعزف بالاركسترا التي تتوفر فيها عدد كبير من الآلات الموسيقية المتنوعة وهذا الذي قدمته خلال المهرجان يختلف عن سابقه من الأعمال التي وضعتها ضمن فرقة النورس الموسيقية التي كان فيها العود مقتصرا على بعض الصولوهات و المصاحبة.
2هذا المزيج من الموسيقى الغربية الشرقية المغربية الأندلسية ، هل يتأتى في عزف ما وكيف يمكن لآلة العود أن تتجاوب مع آلات أخرى من ثقافات موسيقية أخرى ؟
Luthe de renaissance
ج 2)-ان المزج بين العود العربي و الموسيقى الغربية هو عمل له جذور تاريخية عريقة فهو الذي عرف ازدهارا عند الفارسيين ثم بعد ذلك عند العرب و بالخصوص في عهد زرياب الذي بفضله انتقل إلى الأندلس بعد أن عم أوربا بأكملها فتطور على مستوى الصنع ليأخذ أشكالا متعددة تماشيا مع الرقي و السمو في الموسيقى البوليفونية خلال عصر النهضة تحديدا و بذلك سمي العود الغربي ثم التيوربا و كذلك القيثارو ظاهرا بشكل جلي في الموسيقى الاسبانية كما أن الفنون التشكيلية و فنون النحت أخذت من هذه الآلة مادة أساسية في التشكيل كأن ترى امرأة جميلة تعزف العود و هي محاطة بالملائكة كتعبير عن القيمة الروحية لهذه الآلة التي تعرضت لكثير من الأساطير التي حاولت التأريخ لها كل هذه المعطيات التاريخية التي ذكرت أريد أن أؤكد من خلالها أن ما نقوم به كموسيقيين ماهو إلا إعادة للتأكيد الغني و الإنتاج بمعنى انه ليس وليد اليوم .
3 تجربتك في العزف على العود أسست لاختلافها على الأقل مغربيا …كيف تأتى لك ذلك وكيف يختلف عازف عن آخر ؟
ج 3)-أولا ما يميز عازف عن آخر ليس هو الآلة في حد ذاتها و إنما أسلوب التفكير الموسيقي ، فالعود قد ينتقل بك من الأنغام و المقامات الأندلسية إلى التركية ثم الغربية ، أضف إلى ذلك الإيقاعات التي لا حصر لها ، السماعي و اللونغة و التقاسيم رغم عمق هذه القوالب الموسيقية و ما تمنحه من غنى و عذوبة و إحساس لكن أريد أن أسافر إلى أبعد من ذلك انطلاقا من المغرب بلدي هذا المنفتح على الغرب و الشرق و الغنى في الآن نفسه بالإيقاعات و الأنغام الساحرة التي لا حصر لها و التي هي موضوع شريطي القادم الذي انتهيت من كتابة أهم قطعه.
” 4الآلة” العود قد تكون مغربيا مختلفة وعزفها قد يكون أيضا مختلفا أقصد على مستوى “النغمة ” التي تأخذ من ماهو أندلسي وأما زيغي وعربي ..فهل موسيقيا يعطي ذلك للعازف المغربي النكهة الخاصة والتميز ؟
pintatonique
ج 4)-أنا لا أحب أن أعطي خصوصية مغربية لهذه الآلة كما لا يمكن أن نتحدث عن عود مصري ولبناني وخليجي ، العود المغربي الحالي هو العود العربي نفسه و التركي لكن ما يحقق التميز هو الموروث الموسيقي القطري الذي يجعل كل فنان يحمل معه عناصر موسيقية إثنية مختلفة كالمقام الموسيقي الخماسي المهيمن عندنا في الموسيقي الأمازيغية المغربية أضف إلى ذلك الإيقاعات المركبة كحيدوس وأقلال و السقل و العيطة المرساوية و العيطة الجبلية ، هذه الأشكال الموزعة على مناطق و التي قد تكون شبيهتها في البلدان العربية الأخرى هي التي تحدد المنطلقات و الرؤى الفنية المبدع ضف إلى ذلك البحث المستمر والانفتاح على موسيقى العالم ، واستحضار البعد الإنساني للفن ، كل هذه الأهداف هي ما يجعل الإبداع له شخصية مميزة و تلقائية .
5 هذا النوع من الموسيقى وربما مثله مثل بعض الأشكال الفنية الأخرى كالغناء والمسرح والسينما والتي يطلق عليها اسم التجريبية ربما صارت تعاني من قلة جماهيرها أمام ما يحدث فنيا عندنا ,,,هل تجد أنت كموسيقي وكعازف محترف
أن جمهور هذا النوع من الموسيقى في تناقص ؟
ج 5)-أستطيع أن أقول أن العكس هو الصحيح فبالرغم من هيمنة الموسيقى و الأغنية النمطية المدعمة إعلاميا و تجاريا عن طريق الفيديو كليب وكذا انعدام التربية الموسيقية بالإضافة إلى عوامل بنيوية مرتبطة بالتخلف كل ذلك ساهم في إفساد الذوق وحرم جمهورا غفيرا من المحبين والذواقين للموسيقى الراقية كل ذلك ساهم في بروز موسيقيين و مبدعين من صنف آخر استطاعوا برغم كل هذه الإكراهات أن يحققوا تواصلا له مواصفات جمالية يعتمد على العرض و اللقاء المباشر مع الجمهور من خلال بعض المهرجانات رغم قلتها ، كما أن التواصل عبر الإنترنيت جعل هذا الجمهور يبحث عن موسيقاه المفضلة بل وتحميلها لإغناء خزانته الموسيقية وأصبح باستطاعته بعث رسائل الحب و الإعجاب لفنانيه ، أنظر نموذج ” روحانا شرين ” و مارسيل خليفة من لبنان ، و” سعيد الشرايبي ” من المغرب و “نصير الشما ” من العراق و ” يوسف ظافر ” من تونس … و اللائحة غنية بالأسماء بالرغم من أن هؤلاء الفنانين يشتغلون بشكل مكثف خارج أوطاننا العربية التي من شأنها استضافة مثل هذه التجارب . إذن فالجمهور الواعي و المدرك للفن الجميل هو في تزايد دائم .
6 عربيا هناك عدد من العازفين الذين تميزوا وحققوا شرط العالمية والانتشار ، لماذا لا يحظى العازف المغربي بذلك ؟وهل أنت مرتاح لقيمة العزف وتحديدا على آلة العود في المغرب ؟
ج6 )-أنا أفضل كلمة “الانتشار” عن مفهوم “العالمية” ، فهذا الأخير هو مفهوم نسبي يعني حتى لو اتصف أي عمل بهذه الصفة فهو ليس كذلك بالضرورة لأنه محكوم بثقافة وجغرافيا محددة . و رغم ذلك أقول أن من أهم شروط الانتشار هو جودة العمل الفني وما يحمله من أبعاد إنسانية وكذلك العناصر الفنية و الجمالية الاحترافية ربما قد تساعد على الوصول إلى أبعد شعوب العالم.
7 جربت أيضا الموسيقى التصويرية في عدد من الأعمال الدرامية المغربية ما المختلف موسيقيا في ذلك وهل هذا النوع من الأعمال مغري لموسيقي محترف مثلك ؟
ج7)-أكيد أن النماذج الموسيقية التي وصفتها لستة مسرحيات ضمن فرقة اللواء المسرحية المحترفة وكذا عدد من المسلسلات كنموذج موسيقي الجنريك لمسلسل “المجذوب” كل هذه الأعمال كانت مميزة ضمن المشهد الدرامي المغربي و السبب في ذلك أن التعاطي مع هذه الأعمال كان جماليا و ليس تجاريا رغم أني أميل بالدرجة الأولى إلى العرض المباشر مع الجمهور لأن في ذلك تطوير للخبرة الفنية التي تضعني أمام أسئلة الفن وغاياته وأبعاده الإنسانية كل هذا يدفعني إلى التكوين الموسيقي المستمر ، فخلال الشهور المقبلة سأسافر لفرنسا لقضاء بعض التداريب التكوينية في مجال التأليف الموسيقي وهذا ثمرة لعدد من الصداقات التي أتيحت لي مع أصدقائي الفرنسيين في كل من معهد باريس مع أستاذة موسيقى