ومع) في الوقت الذي يحن فيه البعض لجلسات الشاي على طاولاتهم المفضلة بالمقاهي، وبسبب اجراءات الحجر الصحي المعمول بها في المملكة بسبب وباء كورونا المستجد، يرجع البعض، احترازا، وعرفانا أيضا بقيمة العادات والتقاليد، الى النبش والبحث عن بدائل فضلى، منها، بعد جلسات الشاي طبعا، مشروب “الكندرة”، لما تجمعه هذه البدائل، أولا من لذة ومنفعة، وثانيا باعتبارها وسيلة سمر وألفة داخل البيوت اتقاء لشر (كوفيد 19 ) الفتاك.
هي إذن منافع جمة في هذا المشروب، ففيه تجد بعض الأسر الصحراوية بأسا الزاك، وبباقي الأقاليم الجنوبية للمملكة، ضالتها في الاستئناس بلحظات حميمية بالبيوت، وبالتالي الالتزام، الى الحد الأقصى بالإجراءات الاحترازية داخل المنزل، واستغلال هذه الظرفية في تعريف الأبناء والحفدة بطرق إعداد هذا المشروب المميز ذي النكهة الخاصة التي لا تقاوم.
وعلى الرغم من القدسية الكبيرة داخل ثقافة و موروث الأسرة الصحراوية لجلسة الشاي المكتملة القواعد، التي تعمل من خلالها جاهدة على احترام ج يماتها الثلاث (ج م ر ، ج ماعة، ج ر )، إلا أن تغيير تلك القواعد بما يتماشى و ظرفية الزمان و المكان في زمن كورونا ،أمر مباح الآن، بل و مطلوب لمتعة عائلية ولتكسير الروتين الذي قد يتسلل الى نفوس البعض، ولفوائد صحية أكثر محتومة خصوصا في الأجواء الباردة و ليالي السمر الطوال، و أيضا بعيدا عن وباء متربص بالصحة في كل مكان خارج أسوار البيت أو الخيمة.
ويعد مشروب ” الكندرة “، وهو خليط يمزج بين حبيبات الشاي و كؤوس من الحليب المغلي وعديد من الأعشاب التي تجود بها أرض الصحراء، المشروب الثاني من حيث الأهمية، بطقوسه المتوارثة أبا عن جد داخل الأسرة الصحراوية، إذ غالبا ما تقوم الأم أو من يكبرها سنا، لاسيما الجدات، بتحضيره، مع الحرص على ما يرافقها من أجواء أسرية و تبادل للأخبار، في وقت أصبح فيه فيروس كورونا و مستجداته مسيطرا على نشرات الأخبار ، وحديث التجمعات.
و للحصول على منتوج مميز، يحضر مشروب ” الكندرة ” بحليب الإبل الذي يعتبر غذاء رئيسيا يفضله أهل الصحراء، وذلك لما له من دور كبير في مقاومة السموم بالجسم وعلاج لكثير من الأمراض .
وبالإضافة الى حليب النوق، يمكن تحضير ” الكندرة” بحليب الماعز أو البقر المبستر بعد غليه، يضاف له خليط قليل من الأعشاب الطبيعية كالكمون الصوفي والزعتر، وغيرها.
ولا يمكن الحديث عن الصحراء ، دون الحديث عن التدقيق في الوقت والزمن، فلتحضير الكندرة أوقات مفضلة ومستحسنة لدى الأسر الصحراوية، للاستمتاع بطعم هذا المشروب وباللمة المعتادة لدى أهل الصحراء (على غرار لمات الشاي )، حيث، وعلى الرغم من انشغال بعض أفراد الأسرة بهموم وأعباء الحياة اليومية ، الا أنه يستحسن تحضير الكندرة مرتين على الأقل في اليوم، أولاهما قبل منتصف الزوال بساعتين تقريبا، و يتجدد بعدها الوصال بدفئه بعد صلاة العشاء.