أجرت الممثلة والفنانة سعاد العلوي حوارا مطولا مع مجلة الشروق الامارتية الاسبوع الماضي ، وهو الحوار الذي أبانت فيه هذه الممثلة عن فهم كبير لمخارج ومداخل الدراما المغربية والعربية ، وعكست صورة أنيقة عن الممثلة المغربية ومن خلالها المرأة المغربية .
(نص الحوار)
الكتابات الدرامية العربية لم تنصف المرأة العربية …رأي تحرص الممثلة والفنانة المغربية سعاد العلوي على الجهر به في كل مناسبة يتم فيها الحديث عن المرأة (الفنانة) العربية .
سعاد العلوي ممثلة يعرفها الجمهور المغربي كثيرا ويستحضر دوما أعمالها التلفزية التي برعت فيها كممثلة بشخصيات قوية وأدوار مغايرة تعكس موهبة فنية طبخت على نار هادئة .
الشروق _الرباط
الكتابات التي تكتب خصيصا للدراما المغربية هي كتابات تستصغر دور المرأة في المجتمع والحياة وتجعل منها كائنا ثانويا تابعا للرجل ..بهذا المعنى تشرح الممثلة المغربية سعاد العلوي واقع المرأة الممثلة في المغرب.
العلوي التي تحظى بشعبية كبيرة في المغرب كنجمة للشاشة الصغيرة تعيد ذلك الى طبيعة النص الادبي الذي يكرس صورة نمطية يتسيد فيها الرجل على حساب المرأة التي في الغالب ما تكتفي بأدوار لا تعكس حجمها الحقيقي وفعاليتها في المجتمع وبين الناس ، وهذا نوع من الانانية ..لكن بالمقابل تستدرك الممثلة سعاد العلوي هناك ممثلين بعينهم يوفرون مساحة أكبر للممثلة التي تمثل الى جانبه ومن ذلك الممثل فركوس الذي يجمعني به عمل جديد سيخرج قريبا للوجود وفيه استطاع النص الادبي أن يساوي مابين الممثل والممثلة في أدوار تكمل بعضها البعض.
الممثل الرجل لديه الكثير من الفرص كممثل قياسا بالمرأة الممثلة تقول الفنانة سعاد العلوي ، فالكاتب في الغالب رجل والمخرج أيضا رجل والبطل رجل وبالتالي فكرة العمل في الاصل هي فكرة رجولية وبهذه المحصلة تكتوي المرأة الفنانة الممثلة بنار هذه الذكورية التي تجاوزتها الكثير من المجتمعات بما فيها بعض المجتمعات العربية تقول سعاد العلوي فالممثلة الخليجية أكثر تقديرا من الممثلة المغربية ،والممثلة الخليجية أكثر حظا من المغربية ويبدو ذلك توضح العلوي من طبيعة الادوار التي تجسدها في الاعمال الدرامية والتي تبدو فيها المرأة حرة ومؤثرة وذات شخصية عالية.
بعض السلوكات والممارسات أبعدتني عن المسرح والخشبة تقول الممثلة سعاد العلوي ورمت بي الى العمل التلفزيوني دون أن يعني ذلك أنني تنكرت لفضل المسرح علي وعلى مساري وتاريخي الفني تضيف العلوي فقد تشبعت مسرحيا الى الحد الذي جعلني أفرض نفسي سريعا على الشاشة الصغيرة.
الان أسجل عودة جديدة الى المسرح من خلال تحول نوعي احترافي ومهني تقول الممثلة العلوي فقد اخترت أن اشتغل على عمل مسرحي جديد أقوم فيه بدور الممثلة من جهة ودور المنتجة من جهة أخرى ، وهذا عهد جديد أدخله في مساري الفني تضيف العلوي ..كممثلة هذه مهنتي وكمنتجة هذا مسلك جديد اخترته حبا في الفن وتطويرا للأداء وتطويرا للمهنة ككل ، وعملي المسرحي الجديد “هي با ومي ” يمشي في هذا السياق أي أن يتحمل الممثل مسؤولية الانتاج والترويج وكل محطات العمل الفني.
العمل المسرحي الجديد تقول سعاد العلوي كتبه كاتب مشهود له بالجمالية والإبداع وهو الكاتب عبد المجيد مهدوبي ويمثل الى جانبي نجوم كبار من أمثال الممثل ابراهيم خاي والممثلة نسرين لمنجا ثم الممثل محمد قبلي ، وقد أردت بهذا العمل دخول غمار المغامرة ، وهي مغامرة حقيقة تقول العلوي لأن العمل المسرحي صعب ومساراته أصعب وهو تحدي من نوع خاص.
العمل هو عمل كوميدي واختيار الكوميديا ليس اختيارا اعتباطيا تقول الممثلة المغربية سعاد العلوي فالمسرح يجب أن يعكس الناس أي أن يترجم جمهوره المفترض ، ومن هنا اخترت اضحاك الناس وليس العكس ..يكفينا من الدراما فالجمهور بدأ يمل ويهرب الى عوالم أخرى ، يهرب من موضوعات أعمالنا الفنية المثقلة بالأحزان…الضحك تقول سعاد العلوي لازم المسرح منذ القديم وساهم في نسج علاقات وثيقة ما بين الجمهور والعمل المسرحي وقد حققت الكثير من الاعمال المسرحية نجاحات باهرة بسبب اعتمادها على الكوميديا كتيمة رئيسية ونفس الشئ بالنسبة لممثلين أخلصوا لإضحاك الناس مسرحيا وتحولوا لعلامات فنية في تاريخ الانسانية.
تجربة التمثيل في التلفزيون علمتني الصبر ،وهو الصبر نفسه الذي ساعدني كثيرا في تجربة المسرحية تقول سعاد العلوي حيث أصبحت أتفهم أكثر نفسية الممثل وأجاريه في أفكاره لأن نفسية الفنان العالية هي جزء من نجاح العمل الفني .
لم يعد لنا نقد فني متخصص هكذا ترى الفنانة والممثلة سعاد العلوي ، بالمقابل تحول الجمهور الى ناقد حقيقي يتابع الاعمال ويشجعها اذا أعجبته وينتقدها اذا لم تحظى بإعجابه ، ومن هنا تقول سعاد العلوي ترك النقد مكانه شاغرا للجمهور المتفاعل وتلك من الامور التي نتأسف عليها حيث لم يعد للكتابات النقدية ان وجدت الاشعاع الذي طالما ميزها …فالنقد في فترة من الفترات كان هو الأداة الأولى لتقديم الأعمال الفنية الى الجمهور وعن طريقه تصالح الجمهور مع عدد من الالوان والأشكال الفنية .
المجاملات لا أسميها نقدا ..هكذا تختصر سعاد العلوي رؤيتها للنقد الفني ، والكتاب الذين يكتبون تحت الطلب يقتلون الفن والفنان تضيف العلوي مؤكدة ان المهرجانات التي يفترض أن تجمع أهل الفن والنقد والإعلام تحولت الى أسواق يحج اليها العادي والبادي دون أن يكون لها أثر على مستوى الفن في البلد ، فالمهرجانات السينمائية والمسرحية التي كانت فضاء للتلاقي والنقاش والتداول بين أهل الفن تحولت تقول سعاد العلوي الى مناسبات للاستجمام وقضاء فترات راحة مع الخل والخلان .
جمال الممثلة وشكلها ليس شرطا من شروط نجاح الممثلة تقول سعاد العلوي، والاعتماد على هذه الصفات وحدها هي بلادة ما بعدها بلادة تضيف العلوي ، فكم من التجارب فشلت فشلا ذريعا فقط لأنها اعتمدت على مقومات غير فنية لإنجاح عمل فني ، في المغرب مثلا تقول الفنانة سعاد العلوي توجد العديد من التجارب السينمائية والتلفزيونية التي أفشلها رهان المخرجين على ممثلات مبتدئات لا يملكن من المقومات إلا شكلهن الجميل .
الجرأة في التمثيل ليس هي الخلاعة هكذا توضح الممثلة سعاد العلوي ، فالجرأة هي جرأة في طرح الموضوع وفي أداء الممثلة وفي الغاية من موضوعات بعينها وليست في الجرأة المجانية التي تحاول الاساءة لصورة و قيمة المرأة وتحويلها الى سلعة ليس أكثر …ومن هنا تقول سعاد العلوي يجب أن نعمل كممثلات مغربيات على تصحيح الصورة النمطية التي تريد بعض الدراما العربية الصاقها بالمرأة المغربية وتصويرها بصورة مسيئة لا تعكس حقيقة المرأة المغربية التي حققت الكثير من المكتسبات ونجحت في اقتحام كل الميادين وشرفت نفسها وبلدها .
كممثلة لم تستلهم سعاد العلوي موهبتها من أحد ، بل اعتمدت على نفسها وطورت تجربتها ، لكنها بالمقابل تقول الممثلة المغربية الشهيرة تعشق ممثلين كبار من أمثال الممثلين الراحلين أحمد زكي ومحمود عبد العزيز في اشارة الى مجاراتها الكبار .
منقول عن مجلة الشروق الاماراتية
2018